كراهية الغرب للعرب عموماً وللمسلمين خصوصاً نشأت منذ أيام الحروب الصليبية، وهي ككراهية هتلر لليهود، وأمسى مصطلح الإرهاب الذي أحدثوه ذريعة quot;مشروعةquot; لبعض تلك الكراهية. لذا فإن كل يد quot;للعونquot; تمتد من دول الغرب أو أمريكا إلى شعوبنا العربية، وعلى أي صعيد كان، هي أشبه في حقدها ومكرها بيدٍ تضع بطّانيّة على أحدهم كلما تسللت لفحة قارصة تتجاهل مصدرها، وهكذا دواليك إلى أن تقضي عليه خنقاً.
يد quot;المساعدةquot; التي تمدها أو تفرضها علينا تلك الدول لا تصبو إلى تغيير واقع قاس يعيشه بعض العرب؛ وإنما فقط إلى تغيير طعم وأداة quot;الموتquot;، وبطريقة تعجّله وتضمن حدوثه! وعلاوة على ذلك، فإنهم يُروّجون إعلامياً لهذه اليد على أنها تمتد بدوافع quot;إنسانية وأخلاقيةquot; بحتة! وفي أحسن الأحوال، يد quot;المساعدةquot; تلك لن تكون إلا كيدٍ خبيثة تقدّم المثلجّات أيام الحرّ لأحدهم لإطفاء لهيبه آنياً فقط، ليزداد بعد ذلك لهيباً، وبالتالي ازدياداً في ضَعف قوى جسده!
ولنا فيما سبق شاهد حاضر وآخر ذو تاريخ ليس ببعيد؛ فما حصل للشعب السوري مثلاً بدءاً من quot;تضامنquot; الحكومة الأمريكية معه، ومروراً بالتلويح بهامش الخط quot;الأخضرquot;، وانتهاءً بعملية تفكيك الكيماوي وتجنيب السوريين خيار الموت الصامت، إنما يندرج تحت طريقة القتل بالبطّانيّات التي ظاهرها رفق! أما ما جرى للسودان في تقسيمه إلى شمالٍ وجنوب كحلٍّ لصراع الإرادات السياسية فهو شاهدٌ آخر أقرب ما يكون لمثال المثلجّات آنف الذكر، ناهيك عن اختلاق المبررات للتدخل في كلٍّ من العراق والصومال.
وعلى صعيد آخر، ما يظهر أحياناً من خلافات سياسية بين أمريكا وروسية فيما يتعلق بالشرق الأوسط ما هي إلا كمطر الربيع بالنسبة لهما، لا تزيد العلاقة بينهما إلا انتعاشاً ووئاماً، وبالتالي مزيداً من الخبث والألاعيب المشتركة القذرة تجاه هذا الشرق، وهذا ما يتجسد واقعاً ملموساً في الحالة السورية. ولا أبالغ القول إذا أضفت بأن هذه الدول كلها لن تحارب أو تتنازع مع الشيطان نفسه فيما إذا كرس حياته ووقته لإضعاف العرب، وأظهر نحوهم ولعاً بالطرح والضرب والتقسيم دون الجمع!
وفي ضوء ما جاء ذكره، وفي ظل بعض التحالفات العربية الأمريكية، فإن تساؤلات كثيرة تطفو على السطح: هل سنعي الدرس ونقوم بطرد الثعلب زائف التودد من جميع مراعينا ونُقيم بيننا وبينه سياجاً يقينا شرّه ومكره؟ هل سنسعى، على الأقل، لنكون طرفاً قوياً بما فيه الكفاية في تحالفاتنا تلك لجعلها صحيّة سياسياً ومنعها من تشكيل مجرد جسر لتمرير مصالح الطرف الآخر فقط؟ هل ستتوقف بعض الدول العربية عن لعب دور شهرزاد في تحالفاتها تلك؟ وهل سنعمل على فك بعض من ارتهان إرادتنا السياسية وتوسيع دورنا إلى ما هو خارج إطار التنفيذ؟ هل سنتخلى عن تلك التحالفات إن كان ما سبق ذكره صعب التحقيق؟ وأخيراً، هل سنأخذ بأسباب القوة ونعمل على شد الساعد العربي ولو قليلاً بعد طول انتظار؟
أنا وغيري الكثير من أبناء هذا الوطن ننتظر بضيق صبرٍ الفعل الذي نرجوه منكم حيال هذه التساؤلات وليس الإجابة عليها. أما إذا طال انتظارنا دون جدوى، فرسالتكم ستكون وصلت بمضمونها البسيط المنافِ لزخرف كراسيكم.
أكاديمي وكاتب سوري