الاصوات التي تعالت في الکونغرس الامريکي بشأن السياسة التي إتبعها الرئيس الامريکي اوباما في العراق و التي أتاحت عودة إرهابيي القاعدة للسيطرة على بعض المدن التي سال فيها الدم الامريکي بغزارة من أجل تحريرها من قبضة الارهابيين، لاريب من أنها ترى جانبا من حقيقة بالغة البشاعة في العراق بعد الانسحاب الامريکي منه في عام 2011.

أعضاء الکونغرس و النواب الذين أعادوا تحريك الجدل السياسي حول العراق مشيرين الى أن التقدم السياسي الذي حققته القوات الموالية للقاعدة أثبت بأن اوباما قد أهدر دماء أمريکيين من خلال تسرعه في الانسحاب من العراق، وهذه الاتهامات قد جائت بشکل خاص عى أثر نشر کتاب لروبرت غيتس تضمن إنتقادات قاسية للرئيس اوباما بشأن الحرب في کل من العراق و أفغانستان.

إشارة النواب الامريکيين للقاعدة و عودتها المجددة للعراق، فيه تغافل کبير عن خطر و تهديد کبير آخر خلفه الامريکان في العراق و يتغابون عنه او يتجاهلونه عن عمد، وهو نفوذ النظام الايراني و الاجندة و الاهداف المرتبطة به و الذي يمکن إعتباره السبب و العامل الرئيسي وراء عودة القاعدة، خصوصا وان سيناريو عودة القاعدة مرتبط بعدة ملفات ساخنة تهم طهران کثيرا و منها ملف اتفاق جنيف و الملف السوري و اعادة ترتيب المشهد العراقي بما يتفق مع توجهات طهران.

عودة القاعدة للعراق ممثلة بداعش، کانت لها أکثر من علاقة بالسيناريو الذي بدأ رئيس الوزراء نوري المالکي بتنفيذه في الانبار عقب الهجوم على منزل النائب المعارض أحمد العلواني و إعتقاله عنوة و من دون الاکتراث لحصانته البرلمانية، والملاحظ هنا أن المالکي وقبلquot;غزوته المثيرةquot;هذه، قد أطلق سلسلة من التصريحات التي کانت تقطر طائفية والاهم من ذلك أن هذه الغزوة التي عليها أکثر من علامة إستفهام او تعجب قد جاءت عقب ثلاثة أسابيع من عودته من زيارته لطهران والتي أثير الکثير عنها ولاسيما بعد أن حدث هجوم صاروخي رابع على مخيم ليبرتي لأعضاء منظمة مجاهدي خلق الذين يعتبرون لاجئون سياسيون بإعتراف المنظمات الدولية و الولايات المتحدة نفسها(الملتزمة بحمايتهم وفق إتفاق موقع بهذا الخصوص)، ولاريب من أنه لايمکن إعتبار حادثة الهجوم على ليبرتي و لا الاحداث الدامية التي وقعت في الانبار مجرد صدفتين محضتين لاعلاقة لهما البتة بزيارته لطهران.

الذي يمسك بدفة السفينة العراقية و يوجهها يمنة و يسرة، انما هو الربان الايراني دون غيره، وهو الذي يفتح أبواب الجحيم على العراقيين وهو من يغلقها، وهذا لم يعد سرا او لغزا يتم طرحه لأول مرة وانما هو أشبه مايکون ببديهية و أمر واقع، خصوصا عندما يبادر النظام الايراني و عبر قوة القدس بتجنيد الشباب العراقي و دفعه للضرام السوري لقاء راتب شهري قدره 500 دولار أمريکيquot;کماطرحه تقرير منشور في إيلاف بهذا الخصوصquot;، والانکى في هذا التقرير، أن هناك أکثر من 8 فصائل مقاتلة تشکل معا جيشا قوامه 5000 آلاف مقاتل عراقي، يتم التنسيق فيما بينها عبر السفارة الايرانية في بغداد!! قطعا لايمکن التصور أبدا بأن واشنطن و دول الاتحاد الاوربي لاتعلم شيئا عن هذه المسألة المشبوهة خصوصا عندما نعلم من خلال التقرير بأن صدور التوصيات و إرسال التوجيهات تتم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من قبل قاسم سليماني قائد قوة القدس، والسؤال هو: لماذا لاتحرك واشنطن ساکنا؟ وماهو السر في إکتفائها بالمسرحية السمجة لتفتيش الطائرات الايرانية المتوجهة لسوريا مع العلم بأن هناك وزير عراقي مختص قد جعل وزارته کلها في خدمة تسهيل عمليات نقل الاسلحة و العتاد و الرجال القادمين من إيران الى سوريا!

لسنا نقلل من خطورة القاعدة و التهديد المحدق من ورائها بالسلام و الامن و الاستقرار في العراق، لکننا نلفت النظر الى التأريخ الملفت للنظر للعلاقات بين طهران و منظمة القاعدة و ماحدث في سوريا بالاستقدام السريع والغريب من نوعه لتنظيمات تابعة للقاعدة کي تصبح فيما بعد صاحبة شأن في توجيه الاحداث بالصورة التي خدمت و تخدم المصلحة المشترکة لدمشق و طهران، کما أننا نشير هنا أيضا الى الماضي الحافل للمخابرات السورية بإرسال الجهاديين للعراق بعد عام 2003، حيث کان ضباط المخابرات السورية يسخرون بقولهم: نحن نسهل لهم الذهاب للجنة و لقاء حور العين، وبطبيعة الحال، عودة المالکي من طهران و تفاقم الاوضاع في الانبار و عودة القاعدة ممثلة في داعش للمشهد و نفخ المالکي في بوق الحرب على الارهاب في الانبار، کل هذا معادلة مترابطة ببعضها بقوة و مفهومة لمبتدئ في السياسة، فهل يعقل أن لايفهم الامريکان ذلك و يحاولون تقديم تفسيرات لاتخدم إلا النظام الايراني؟