من الملاحظات المهمة و ربما المريبة هي الزيارة الثانية لوزير خارجية نظام ملالي طهران جواد ظريف للعراق يوم الثلاثاء، الرابع عشر من يناير 2013 خاصة في توقيتها هذا، وهي زيارته الثانية لبغداد حيث كانت الأولى في الثامن من سبتمبر 2013 أي قبل حوالي أربعة شهور فقطquot;؟ والسؤال الذي يتداوله العديد هو: ماذا طرأ خلال أربعة شهور ليقوم وزير خارجية الملالي بزيارته الثانية؟ وهي:

للدعم أم الهيمنة أم معا؟
من الواضح أنّ الزيارة الأولى والثانية لا تخرجان عن سياق مايجري في سوريا من ثورة شعبية ضد نظام الأسد المفترس، واحتجاجات محافظة الأنبار السنّية ضد نظام المالكي الذي يتعامل معها منذ شهور عديدة بأساليب التخويف والترهيب والقمع المادي، وذلك فقط لأنّها احتجاجات ضد هيمنة تيار واحد من مكونات الشعب العراقي على باقي المكونات والتعامل معها بفوقية واقصاء متعمدين، وإلا هل هذه الاحتجاجات المستمرة منذ أكثر من عام أتت من فراغ أم للتسلية واراقة الدماء فقط؟. هذا في الوقت الذي يبذل فيه المالكي وحكومته كل ما بوسعهما لدعم نظام الأسد المتوحش في سوريا ضد الشعب السوري منذ مارس 2011 ، بوسائل متعددة منها السماح للطائرات الإيرانية عبور الأجواء العراقية لنقل السلاح والذخيرة وعناصر الحرس الثوري الذين يقاتلون مع جيش الأسد، وفضيحة النفط العراقي المرسل لنظام الأسد على حساب ميزانية الشعب العراقي. لذلك فإنّ زيارة وزير خارجية الملالي الثانية والثالثة القادمة مجرد زيارات للتأكد الميداني من تنفيذ المالكي وحكومته لأجندات وأوامر أسياده في طهران، بدليل وصفه لزيارته هذه أنّها لدعم quot;خطوات العراق في محاربة الإرهابquot;. وبالتالي فالسؤال المهم هو:

هل انتفاضة أهالي الأنبار إرهاب؟
لا أعتقد أنّ هناك وطني غيور على العراق ومستقبله لا يدعم المالكي وحكومته في مواجهة أي إرهاب يتعرض له العراق وشعبه، فالإرهاب مرفوض ومدان ويجب تكاتف الجميع عراقيين وعربا لمواجهته ومحاربته أينما وجد، ولكن من هم الإرهابيون في نظر وزير الخارجية؟ هل الشعب العراقي في محافظة الأنبار وجوارها إرهابيون؟ أم عراقيون يطالبون بحقوقهم وانصافهم إزاء سياسة الإقصاء والتهميش التي يمارسها المالكي وحكومته بنفس طائفي غير مقبول؟ ولماذا دعمت ولو نظريا حكومة الملالي ثورة الشعب المصري والتونسي والليبي التي كانت وما زالت مطالبهم الحرية والديمقراطية وطرد المفسدين والمستبدين، بينما نفس المطالب عندما يتحرك الشعب العراقي من أجلها تصبح إرهابا؟. اليس هذه ازدواجية تصل حد النفاق الذي لا يهدف إلا استمرار الهيمنة الإيرانية على العراق التي يؤكدها كثير من السياسيين العراقيين الذين يعيشون في داخل العراق. لذلك كان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أكثر موضوعية وحيادية أثناء زيارته لبغداد التي ترافقت تقريبا مع زيارة جواد ظريف، لأنّ الأمين العام للأمم المتحدة فرّ ق بين الإرهاب ومطالب المدنيين السلميين من الشعب العراقي، إذ أعلن quot;دعمه للحكومة في حربها على ما سمّاه الإرهاب، واستنكاره في الوقت نفسه الهجمات التي تستهدف المدنيينquot;. كما أكّد على ضرورة وجود quot;وجود تلاحم سياسي واجتماعي، وحوار يشمل الجميع من خلال المشاركة السياسية والمؤسسات الديمقراطية واحترام سيادة القانون وحقوق الإنسان والتنمية الشاملةquot; وهذا ضمنا يعني أنّ مناطق الاحتجاجات الشعبية العراقية تفتقر لهذه المقومات التي تؤسس لوطن واحد ولشعب واحد بغض النظر عن الطائفة والقومية، وهذا ما تفتقره المناطق السنّية في العراق، لذلك شهدت هذه الاحتجاجات السلمية التي يلصقها المالكي وحليفه المهيمن في طهران والعراق بالقاعدة وداعش اللتين أصبحتا فزاعة مالكية إيرانية أسدية لتخويف الغرب، وفعلا نجحوا في ذلك بنسبة عالية.

زيارة وصلت لدمشق طيرانا إلى موسكو
ومن الواضح أنّ هذه الزيارت الظريفية لبغداد وبيروت وعمّان ودمشق هي للترويج للحضور الإيراني وتحديدا في الملف السوري الذي يقف فيه نظام الملالي بشكل قطعي مع نظام الأسد بالمال والسلاح ورجال الحرس الثوري مع التجاهل الكامل لمطالب الشعب السوري، وعدم الاعتراف بإرهاب الأسد الذي أوقع حتى الآن ما لا يقل عن مائتي ألف قتيل وتهجير ولجوء خمسة ملايين سوري خارج وطنهم..أليس هذا إرهابا يا ظريف؟. ومن دمشق طار ظريف ووزير خارجية الأسد وليد المعلم إلى موسكو للقاء الداعم الدولي للنظام الإرهابي في دمشق، إذ سيلتقيان الرئيس الروسي بوتين ووزير خارجيته لافروف، وهما اللذان منذ ثلاثة سنوات يعطلان صدور أي قرار دولي ضد ألأسد وعصاباته المتوحشة. ونظام طهران عينه على المشاركة الإيرانية فيما يسمى جينيف 2 المقرر إن تم عقده في 22 يناير الحالي، وهذا لمجرد تأكيد الحضور الإيراني في الساحة الدولية ودعم نظام الأسد في هذا اللقاء الذي لن يصدر عنه أي توجه لصالح الشعب السوري.

أفضل توصيف لنظام الأسد من الخارجية الأمريكية
وفي نفس وقت زيارات ظريف الداعمة لإرهاب المالكي والأسد، جاءت تصريحات quot;دينا بدويquot; المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية لصحيفة quot;الشرق الأوسطquot; حيث شخّصت نظام الأسد أفضل تشخيص واقعي بناءا على ممارساته الميدانية إذ قالت: (الولايات المتحدة لا تناقش مكافحة الإرهاب مع النظام السوري، واستنادا إلى سجل الأسد في الماضي والحاضر فمن السخافة أن ينظر إليه كشريك محتمل في مواجهة التطرف...خلال أصعب أيام العراق سعى بشار الأسد إلى تدفق مئات المقاتلين الأجانب إلى العراق،ونفذوا عمليات ضد المصالح الأمريكية والغربية هناك، والتعاون النشط الحالي بين الأسد وحزب الله والحرس الثوري الإيراني يتعارض مع مصالح الولايات المتحدة ويعمل على تأجيج الصراع الطائفي). هل قرأ وسمع المالكي هذه التصريحات والمواقف الأمريكية؟ وهل يربطها بتصريحاته السابقة التي أدان فيها مرات عديدة تعاون الأسد ونظامه مع الإرهابيين الذي يرسلهم بمفخخات للعراق؟ لماذا كان الأسد عند المالكي إرهابيا قبل سنوات، واليوم حليف يستحق الدعم بالمال والنفط العراقي ومرور السلاح والحرس الثوري الإيراني؟

أليست هذه أوامر إيرانية بما فيها القتل المستمر لعناصر مجاهدي خلق؟
مجاهدو خلق ليسوا ملائكة، وعليهم العديد من الانتقادات من جانب العديد من العراقيين تحديدا، ولكن هذا لا ينفي عنهم صفة اللاجئين الذين يجب أن يتمتعوا بحقوق اللاجىء التي تنصّ عليها مواثيق الأمم المتحدة مما لا يبرّر القتل والتصفية المستمرة ضدهم من سنوات وتحديدا منذ تسلم المالكي الحكومة العراقي في مايو 2006 حيث تمّ تهجيرهم عنوة من معسكر أشرف، وبعد قتل المئات منهم يواصل المالكي وحكومته هذا القتل ضدهم في معسكر ليبرتي الذ نقلوا له عنوة قرب بغداد... أليست هذه أوامر من نظام الملالي ؟ وإلا ماذا ارتكبوا ضد العراق والعراقيين كي يستحقوا هذا القتل وكل هذه التصفيات. لو لم تكن أوامر إيرانية لكان المالكي وحكومته تعاملوا مع الوضع بسلمية هادئة إلى أن يتم توزيعهم كلاجئين على كافة دول العالم، في ظل أنّ عودتهم إلى إيران تعني القتل والإعدامات المشهور بها نظام الملالي.

ومعاناة الشعب العراقي في ظل هذه الحكومة المالكية الطائفية التي تأتمر بأوامر إيرانية مستمرة، فمن المؤكد استمرار المالكي في ولاية حكومية ثالثة اي حتى نهاية عام 2018 .
www.drabumatar.com