&

منذ عشرة أيام وهناك شائعات وإرهاصات عن استقالة الزميل الصديق ( المثقف المهني العريق ) الدكتور عثمان الصيني رئيس تحرير هذه الصحيفة ( حتى العدد الصادر أمس الخميس ) ، وكان كثير من الأصدقاء وشركاء( واتساب وتويتر وفيسبوك والجوال ) يسألوني عن مدى دقة وصحة النبأ ، بحكم مايعرفونه عن علاقتي الوطيدة بالدكتور ، وكنت أجيب بنفي الخبر ، وكلما تصاعدت وتظافرت الشائعات أقول لا أعلم ، وكنت صادقا في الحالين ، لأنني سألت ( عثمان ) مرتين ، في الأسبوع الماضي ، وفي المرة الاولى نفى ، وفي الثانية ، سرح بي بدملوماسيته التي لا أظن الا القليل جدا يعرفها مثلي ، وذلك بين التنكيت والسخرية مني في ملا حقتي للشائعات ، وانتهت المكالمة دون ان أصل لمعلومة !! .
بعد مغرب يوم الأربعاء الماضي تأكد الخبر عبر تغريدات ، ورسائل ، واتصالات تلقيتها ، وقيل لي أنه أعلن ذلك بنفسه امام اجتماع لأسرة التحرير عصر نفس اليوم ، وانه ودعهم ، وجمع اغراضه من مكتبه ورحل نهائيا ، وفورا اتصلت به ولم يرد ، وكررت الاتصال اكثر من عشر مرات حتى الآن ( ضحى أمس الخميس ) ، ولم يرد ، والبارح اتصلت ببعض الزملاء في ( صحيفة مكة ) فأكدوا ماقيل ، لكنهم اتفقوا معي ، ان هناك سببا وجيها لاستقالته تجنب ذكره ، و( ميعه ) حين سأله (أحد الزملاء المطلعين الجريئين بدقة ووضوح ) أثناء الاجتماع مع أسرة التحرير ، واكتفى بحجة عقده المنتهي بسنته الاولى ، و ( ظروفه الخاصة ) ، ومع هذه التأكيدات كنت شاكا في الامر خاصة انه لم يرد على اتصالاتي ورسائلي المتكررة والملحة ، وقلت في نفسي ( لا يمكن ان تفرط إدارة مكة ومجلس ادارتها في رجل كفء نادر مثل عثمان تعد استقالته خسارة كبرى للصحيفة التي أسسها وبناها ونجحت نجاحا باهرا قبل ان تنهي سنتها الاولى ) ، وظننت ان عدم رده يعود الى انه في اجتماع طويل مع النافذين في المؤسسة ، وسيثنونه عن الاستقالة حتما، وقد كنت حالما فعلا !! ، لأنني صباح أمس تناولت مجموعة الصحف على مكتبي ، وتناولت اولا ( مكة ) التي تعودت منذ صدورها ن أبدأ بها ، ليس لأَنِّي أكتب بها ، ولكن لوجود عدد كبير من الكتاب الرائعين المتميزين فيها ، ولمهنيتها الرفيعة ، وإخراجها الفريد ، وتنوعها ، وشموليتها ، وصياغة موضوعاتها المريحة والمختصرة ، ثم أثني بصحيفة ( الحياة ) الرائعة مهنيا وشمولية ، ثم اتصفح البقية سريعا حيث هناك كتاب رائعون جدا في صحف مختلفة ، وليسوا كثيرين ، والبقية أقرأهم في ( النت ) ، وأقصد الكتاب تحديدا ، اما الأخبار الخاصة والتحقيقات والتقارير وغيرها فتغنيني ( مكة والحياة ) عن البقية ، مع احترامي وتقديري للجميع ، المهم وجدت مقال ( الدكتور عثمان ) ووجدته يقول في مطلعه ( بصدور هذا العدد أكون قد طويت محطة أخرى في دائرة من دوائر حياتي العملية الأربع الأكاديمية والثقافية والتجارية والإعلامية ، … الخ ) ، ثم يختمه قائلا ( ولأن من يعرف الفضل من الناس ذووه فإني أزجي الشكر بعد الله لرئيس وأعضاء مجلس الإدارة وأعضاء الجمعية العمومية وللكتاب مصابيح المعرفة وأمراء البيان ولجميع الزملاء والزميلات في التحرير والإدارة على مابذلوه ويبذلونه للصحيفة ومازال الطريق طويلا والمهمة شاقة والزمن صعب ولكن الهمم عالية والعزائم قوية والرؤية مستنيرة، والشكر لجيران الحرم أهل الله على حماسهم ومشاركتهم ولكل من قرأ حرفا أو خط بقلم أو أبدى ملاحظة أو فكرة أو نقدا لهذه الصحيفة، ولعلي حين أترجل عن قيادة تحرير هذه الصحيفة الوليدة العريقة أحسب أني قمت -ما استطعت- بما يرضي الله أولا وبحمل أعباء الأمانة ثانيا وبما يلبي بعض تطلعات قراء مكة مما يمليه علينا واجبنا تجاه أنفسنا ومهنيتناووطننا وموطن النور والآخرين) ، فتأكدت أنه رحل نهائيا ، فسكبت دمعتين الاولى : لهذه الصحيفة النابهة المتوثبة بنجاح تحريري نادر وصعب ، في فترة وجيزة جدا ،و في زمن صعب جدا على الصحافة الورقية ، والثانية على الصحافة المحلية التي فقدت نجما من نجومها القليلين جدا ، ودعوت الله ان يستمر الزميل العزيز ( الذيابي جميل ) ، حتى لا نصبح فجأة على ( البلاط ) !! .
الان أرجو ان يعذرني قرائي - إن كان لي قراء كما أتوهم - على عدم الاستمرار في الكتابة هنا ، ليس احتجاجا على الاستقالة العثمانية ، وليس من باب ( القفز من السفينة قبل أن … ) ، فهي بإذن الله لن تغرق ، إذا استمرت سياساتها ومهنيتها وكفاءتها ، التي أسسها وبناها ( الصيني ) بمشقة وجهد وتمكن وعلاقات ، ولكن لأن ربان السفينة - وبكل تأكيد - واجهته أمواج عاتية ، وتقلبات بحرية خطره صعبت عليه الاستمرار في قيادة السفينة الى بر الأمان ، فاضطر للقفز من ( كا بينته ) ليعطي الفرصة لغيره لتكملة الرحلة الشاقة ، ومع انني أعرف أنه درب وهيأ عددا ممن هم في الجزء الداخلي من السفينة ، لكن ( كابينة الكابتن ) لا يمكن ان يفتح قفلها ( الاليكتروني ) الا ( كابتن ) آخر ، وهو هناك على أطراف الشاطئ ، ولا أدري كيف يصل ومن يوصله وهل هو بمهارة وقدرة الكابتن ( عثمان ) ام أنه ( عليمي !! ) ، كما ان ( كابتن سفينتنا ) قال كلمتين فقط ، قبل ان يبلغنا بقفزته ( ظروف خاصة ) ، وانا اكثر من يعرف هذا المصطلح الذي تم تقفيزي به مرتين ، لذا اجد أنني أكون غبيا اذا لم أقفز ، فأنا من أخبر الناس بمآلات ومصائر السفن التي يضطر ربابنتها الى القفز - مكرهين - او يتم تقفزيهم ،( اما بتوجيه أنبوب غاز الى الكبينة او بالقوة الجبرية ) وحال ركابها في كبائنها الداخلية والخارجية ، وحال وقودها الذي ينضب او يستمر بالقطارة التي لا تحيي ولا تقتل !! ، ولذا فهذا آخر مقال هنا وأرجو ان نلتقي من منبر آخر ، وما أكثر المنابر لمن أراد متابعة ثرثرتي وربما تفاهاتي !!.