خبراء بالشان الشيعي العالمي يقولون: ان (الهلال الشيعي) بالشكل الذي حذَّر منه الملك عبد الله الثاني، واستنفر حذرا عربيا عموما وخليجيا خصوصا، لم يكن محل شك، جغرافية متواصلة، وكثافة سكانية كبيرة، ومساحة مياه وفيرة، وقوى حربية عسكرية غير عادية، وبالتالي، هو خطر حقيقي على السُنّة العرب، ومرشح ليتحول الى قوة دولية فضلا عن كونه قوة اقليمية!
ولكن ما الذي حصل فيما بعد؟
يقول هؤلاء الخبراء: إن المسؤولين عن هذا الهلال واصحاب القرار فيه لم يحسنوا التعامل معه، وبسبب ذلك تراكمت اخطاء جسيمة بدات تنذر بمصير غير مريح لهذا الهلال، وربما بدا يأكل نفسه .
لماذا؟
أولا: ان الهلال ارتكب خطا جسيما عندما طرح نفسه قائدا للامة الاسلامية بكل طوائفها باسم ولاية الفقيه، متمثلة بالامام الراحل آية الله الموسوي الخميني، ثم انتقل باسم (ولي المسلمين) متمثلا بالمرشد العام للجمهورية الاسلامية آية الله السيد علي خامنائي،
فإن هذا اللقب سواء بالصيغة الاولى او الثانية ينبيء باقصاء السنة من شرعية قيادتهم للعالم الاسلامي، بل وحتى حق قيادتهم لانفسهم ـ كما يتصورون ـ وهي القيادة التي مرّت عليها قرون .
ثانيا: إن الهلال ارتكب خطا جسيما آخر عندما طرح مشروع (تدمير إسرائيل)، بقيادة الجمهورية الاسلامية الايرانية، كما هو المشروع الذي رفعه في حينه الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، كما انه اخطا عندما طرح مشروع تصدير الثورة، كما انه اخطا عندما طرح نفسه ممثلا للمستضعفين في العالم، وراح يعقد علاقات وتفاهمات مع حركات تحرر اقليمية وعالمية .
ثالثا: إن الهلال اخطا عندما تبنى تسليح بعض القوى والممكنات الشيعية في العالم العربي، وحزب الله مثل نموذجي هنا، مهما كانت الحجَّة المُساقة، حتى لو كانت تحرير التراب الاسلامي والعربي من (العدو الصهيوني)، فكأنها تكشف عن مشروع (ايراني شيعي) تسليحي لإعلان سيطرة شيعية كاملة على العالم الاسلامي برمَّته.
رابعا: إن الهلال اخطا عندما خضع لقيادة مركزية واحدة بصورة واخرى، وهي الفقيه الحاكم في ايران، وما زال هؤلاء يتذكَّرون محاضرة إلى (لاريجاني) شقيق رئيس مجلس الشورى الايراني الحالي، واحد كوادر التنظير الاسلامي الايراني، والتي اكد فيها ان جميع العالم الاسلامي يجب ان يكون في خدمة الجمهورية الاسلامية الايرانية لانها تمثل مكة الاسلام في صدر الاسلام .
خامسا: وإن الهلال اخطا عندما حاول متمثلا ببعض قواه من تشييع الكثير من السنة العرب ـ كما يقول هؤلاء ـ وليس ببعيد عنا تحذيرات الشيخ يوسف القرضاوي إيران من مغبة هذا السلوك .
سادسا:وإن الهلال اخطا متمثلا في الجمهورية الاسلامية الايرانية ومن يتبعها من الهلال باتباع سياسة متشددة من الغرب، وحلفاء الغرب من العرب،سواء على صعيد الملف النووي، او القضية الفلسطينية،وقضايا اخرى .
سابعا: وان الهلال ـ كما يقول هؤلاء ــ اخطا متمثلا ببعض قواه وعناصره عندما فرض في مناطق تواجده القيم الدينية المتشددة،أو على اقل تقدير احتكر القوة لنفسه،وحرم الآخرين من ممارسات حرياته السياسية والفكرية .
ثامنا: وإن الهلال اخطا عندما حاول متمثلا ببعض قواه وعناصره مزاحمة الكثير من علماء الشيعة من ان يمارسوا حقهم في الزعامة الدينية، باعتبار ان الدولة الاسلامية موجودة، وكل الزعامات الدينية يجب ان تكون في خدمتها، او في خطها.
هذا بعض ما يذكره كثير من المهتمين بالشان الشيعي العام من اسباب أدت الى تراجع وزن الهلال الشيعي، وكانت وراء كثير من التداعيات التي اصابت بنيته التحتية وهيكله الخارجي، وربما منهم شيعة ذوو شان في العالم العربي والاسلامي، ولهم باع طويل في العمل السياسي والفكري، وقد يكون منهم متعاطفون مع مشروع الهلال الشيعي، ولكن يملكون وجهة نظر اخرى .
هل ما يقوله هؤلاء صحيح؟
وإذا كان ما يقولونه صحيح ما هو البديل عن ذلك؟
هناك اكثر من وجهة نظر ...
فما هي؟