لقد تقطعت كل حبال التواصل بين نظام الملالي في ايران وبين معارضيه، وخاصة منظمة مجاهدي خلق، التي شاركت الملالي في الثورة على نظام الشاه عام 1979، ونظرا للافكار اليسارية او الافكار الحداثية التي تؤمن بها منظمة المجاهدين تم اقصاؤها من الحكم، وتمت مطاردتها داخل ايران وخارجها، واعدم المئات من اعضائها وسجن الالوف في سجون النظام المعروفة بقمعها وارهابها.

بالمقابل وقفت منظمة المجاهدين موقف الند للنظام الديني quot; نظام ولاية الفقيه quot;. وعلى هذه الخلفية يعاني سكان اشرف وليبرتي من الحصار والعنف والارهاب والحرب النفسية ويعنون كل هذا الحقد وهذا الارهاب، ولاسيما بعد الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003. فقبل ذاك التاريخ كانت منظمة المجاهدين تملك السلاح الذي يؤهلها الدفاع عن نفسها. وفي ضؤ الوعود الامريكية والتطمينات التي منحها الضباط الامريكيين لممثلي اشرف وتعهدات الحكومة العراقية للولايات المتحدة الامريكية والأمم المتحدة بحمايتهم، تم تسليم اسلحتهم الى القوات الامريكية الغازية. ومنذ ذاك التاريخ صار الاشرفيون في عداد المدنيين المشمولين بالرعاية وفق اتفاقية جنيف الرابعة.

هذه الوعود وتلك التطمينات الامريكية لم تحل دون التدخل السافر من قبل وزارة المخابرات الايرانية ( اطلاعات ) وقوات القدس الارهابية التي يقودها قاسم سليماني في شان الاشرفيين، ومحاصرتهم اقتصاديا ونفسيا، بمنع وصول مستلزمات الافراد الغذائية والصحية الى مخيم اشرف ثم الى سجن ليبرتي، اضف الى ذلك تلك الحرب النفسية التي مورست ضدهم منذ عام 2009 وحتى الان، المتمثلة بالتشويش عليهم من خلال مكبرات الصوت، والنداءات المتواصلة التي تدعوهم الى ترك مخيمهم والعودة الى ايران. كما استخدمت اطلاعات وسائل نفسية لاختراق صفوف الاشرفيين من خلال جلب عائلات البعض منهم بدعوى لم الشمل، بهدف اقناع البعض بالعودة الى ايران.

لم تجد تلك الاساليب نفعا، وتم استخدام القوة العسكرية المفرطة ضد الاشرفيين في عدة مرات راح ضحيتها 116 قتيلا وأكثر من 1375 جريحا على الرغم من انهم اشخاص محميين بموجب اتفاقية جنيف الرابعة. ومن اجل مضايقتهم اجبروا على الرحيل من مخيم اشرف الذي بني باموالهم الخاصة الى سجن ليبرتي قرب مطار بغداد، واقول سجن لانه من غير المعقول ان يتم عيش 3000 شخص فوق مساحة صغيرة لا تتجاوز عدة كيلومترات مربعة، ولذلك فهو سجن أيلُ للسقوط، اذ كان معسكرا للقوات الامريكية خلال السنوات التي سبقت انسحابها المذل نهاية عام 2011، بفعل المقاومة العراقية الباسلة.

حصلت كل تلك الاحداث بفعل التحالف الايراني الامريكي القديم الجديد، تحالف معلن زمن حكم الشاه، وتحالف خفي زمن حكم الملالي. وبات معروفا دور نظام الملالي في مساعدة القوات الامريكية في احتلال افغانستان والعراق، وهذا الدور كان له ثمنه، اذ سمحت الولايات المتحدة لنظام الملالي ان يتمدد في العراق، ويشغل الفراغ الذي تركته القوات الامريكية عقب 2011. مقابل سيطرة الولايات المتحدة على ابار النفط العراقية. اي كان شعار الولايات المتحدة quot; اعطونا النفط وخذواالعراق quot;. ومنذ سنوات وقوات القدس والسفارة الايرانية في بغداد تسيطران على الاوضاع في العراق، وقد اكد ذلك قاسم سليماني بنفسه، وله الامر والنهي في هذا البلد المنكوب.

ولكل ما سبق فلن نتوقع للاشرفيين الا القتل والحصار والتجويع والموت البطئ، من خلال منع الدواء عن المرضى، وعرقلة ايصالهم الى المشافي، ومنع سيارات نضح المياه الثقيلة من الدخول الى ليبرتي لنضح تلك المياه الانسنة الى الخارج بهدف تفشي الاوبئة والامراض، وكذلك تشديد الحصار لاصابة السكان بالاكتئاب والامراض النفسية. هذه هي الحرب النفسية التي يمارسها نظام متمرس في العنف والارهاب منذ زمن بعيد، ضد سجناء يتوهمون انهم محميون وفق القانون الدولي، وان الامم المتحدة حرة في قرارها وقادرة على ان تؤدي دورها الانساني المطلوب، والحقيقة ان الامم المتحدة لعبة بيد الادارة الامريكية، كما ان هذه الادارة لن تغامر بمصالحها مع ايران من اجل مجموعة من المعارضين لنظام الملالي. اما اذا تعرقلت هذه المصالح ووصلت نقطة الصفر فسوف ياتي المدد للاشرفيين حتما.

اليوم والادارة الامريكية تريد ان تتوصل الى اتفاق مع نظام الملالي بشأن الملف النووي الايراني، فانها تهدف الى حماية حليفها الكيان الصهيوني اولا، وتامل ان يتحقق هذا الهدف بالوسائل السلمية. اما حماية الاشرفيين فانه يكون من خلال الضغط الشعبي المتواصل،وبالذات من خلال النواب والحقوقيين والمنظمات الانسانية، كلها وسائل ضغط بطيئة وتكلف المعنيين ثمنا كبيرا، وما على الاشرفيين الا تمثل المبادئ التي امنوا بها وضحوا من اجلها. وكل المناضلين في العالم يعرفون هذه الحقيقة التاريخية، وهي ان صمود المناضلين كفيل بقهر اعتى الديكتاتوريات.

وعلى الدول التي تدعي انها ديمقراطية وحامية لحقوق الانسان ان تعي ان نظام الملالي في ايران نظام متخلف يسير عكس الحداثة، ويعمل ضد حقوق الانسان. فاعماله القمعية ضد ابناء الشعوب الايرانية مفضوحة لدى الراي العام العالمي، سواء بقمع التظاهرات، وزج الالوف من المواطنين المطالبين بالحرية في غياهب السجون، ومنع وسائل الاتصال المعروفة مثل الانترنت والتواصل الاجتماعي كالفيس بوك والتويتر والجات وغيرها. ووصل الامر حد منع مشاهدة الفضائيات خوفا من رؤية فضائح النظام الذي يسيطر على الوضع في ايران بيد من حديد. على العالم الحر ان يرى ويدرك من يدعم عندما يتجاهل ما يجري في ايران من عنف وارهاب ضد الشعب، وما يجري لاناس عزل من السلاح يعيشون في سجن ليبرتي. واذا صحى ضمير هذا العالم فسوف ينتصر لكل المظلومين في العالم ومنهم الاشرفيين.


. رئيس لجنة الاعلاميين والكتاب العرب دفاعا عن ليبرتي