مع اقتراب العيد وتزينه هذا العام بمآسي العدوان الإسرائيلي على غزة، ومآسي شريكه النظام السوري على المدن والقرى السورية، وتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" بحق المدنيين والعزل في كل أنحاء العراق وسوريا، تظل نكهة العيد منقوصة وغير مبهجة مع تصاعد الآلام وعدم تحقق الأمن والسلام.
العدوان الإسرائيلي على غزة، قارب الشهر، وعدد الشهداء تجاوز الألف ومئة شهيد، والجرحى آلاف الجرحى، فضلاً عن مئات المنازل المدمرة، وآلاف العائلات المهجرة. لكن الصوت الأوروبي المتضامن مع غزة وآلامها أعلى من بقية الدول العربية.
آلاف الأشخاص تظاهروا السبت 26 يوليو/ تموز في العاصمة البريطانية أمام السفارة الاسرائيلية بلندن، للتنديد بالهجمات الاسرائيلية على المدنيين الفلسطينيين. وردد المتظاهرون أمام السفارة الاسرائيلية في غرب لندن هتافات " فلسطين حرة" ، مطالبين بإنهاء الحرب على غزة وسقوط القتلى بين المدنيين الأبرياء.
وتعتبر المسيرة التي بدأت من شارع كنجستون هاي ستريت غرب لندن إلى مقر البرلمان، هي الأحدث في سلسلة التظاهرات التي نظمتها (حملة التضامن مع فلسطين)، مع تصاعد أعمال العنف في قطاع غزة. وحمل المتظاهرون لافتات كتب عليها "حرروا فلسطين" و" انهوا الاحتلال الاسرائيلي" و"غزة، انهوا الحصار" و"الحرية لفلسطين".
وخلال حفل موسيقي أحيته فرقة "ماسيف أتاك" البريطانية أظهرت الفرقة تضامنها مع ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بإيقافها الغناء لفترة خلال الحفل وبثها لصور تظهر عدد الضحايا. كما أحيت فرقة "ماسيف اتاك" حفلا في العاصمة الايرلندية دبلن، كان مناسبة لأعضاء الفرقة من أجل إظهار تضامنهم مع سكان القطاع.
يقاطع أعضاء الفرقة الأنشطة الفنية في "إسرائيل" منذ سنة 2010، مشيرين إلى أن الفن يمكن أن يلعب دورا مهما في التعريف بالقضية الفلسطينية، كما يمكن أن يساهم في تغيير الوضع في قطاع غزة.
العاصمة الألمانية برلين شهدت على مدى الأيام الماضية مظاهرات مؤيدة للشعب الفلسطيني وأخرى مؤيدة للعملية العسكرية التي تشنها "إسرائيل" منذ 3 أسابيع في قطاع غزة.
واحتشد مئات المحتجين أمام السفارة الإسرائيلية للتنديد بالغارات الإسرائيلية على قطاع غزة، وسط إجراءات أمنية مشددة، خوفا من الاعتداء على مقر السفارة، وخوفا كذلك من اشتباكات مع الطرف الآخر المؤيد لإسرائيل، إذ تجمع حوالي 700 شخص للتنديد، حسب قولهم، بإطلاق الصواريخ من غزة نحو "إسرائيل".
الشرطة الالمانية تشدد من إجراءاتها حين يتعلق الأمر بمسيرة مؤيدة لفلسطين، لكنها لم تمنع حتى الآن أي مسيرة من هذا النوع، على عكس جارتها الفرنسية التي رفضت مؤخرا الترخيص لمسيرة في باريس تأييدا للفلسطينيين.
في العالم العربي المشغول بأزماته، لا يعدم التضامن مع غزة وبالذات في الدول التي تعاني من اضطهاد أنظمتها ولا تزال، ولم ينجح الربيع العربي في تغيير هذه الأنظمة، فقبل أيام قليلة من عيد الفطر، دعت حملات مختلفة إلى ارتداء “الكوفيّة الفلسطينيّة” أو “الشال الفلسطيني” في يوم العيد، تضامناً مع فلسطينيّي قطاع غزّة الذين يستهدفهم العدوان الإسرائيلي منذ السابع من يوليو/تموز الجاري.
وقد دعت في هذا الإطار، الحملة الدوليّة الى الحفاظ على الهويّة الفلسطينيّة “انتماء”، إلى ارتداء الشال الفلسطيني عند الخروج لأداء صلاة عيد الفطر. وقال القيّمون على الحملة في بيان نشر على موقعَي “فيسبوك” و”تويتر” للتواصل الاجتماعي، “ندعوكم الى التفاعل والتضامن من خلال حملة ارتداء الشال الفلسطيني أثناء صلاة العيد، والمساهمة في هذه الحملة إلكترونياً من خلال هاشتاغ #صلاة_العيد_بالشال_الفلسطيني، والعمل على تغيير صورة البروفايل في مواقع التواصل الاجتماعي”.
البيان أوضح أن الحملة “تأتي إيماناً بوحدة الشعب الفلسطيني وتضامن الشعوب مع قضيّته العادلة، وتأكيد أهدافها التي انطلقت لأجلها، بالحفاظ على الهويّة الفلسطينيّة والانتماء إلى فلسطين وتأكيد حق العودة والثقة بتحقيقه من خلال نهج الصمود والبطولة الذي يسطّره شعبنا الفلسطيني في مواجهة الاحتلال”.
وتعرّف الحملة الوطنيّة للحفاظ على الهوية الفلسطينية “انتماء” نفسها على أنها حملة شعبيّة، ترعاها مؤسسات ولجان فلسطينيّة بمختلف تخصصاتها، من أجل تعزيز الشعور الوطني.
لاقت الحملة تجاوباً كبيراً في خلال الساعات الأولى لإطلاقها، إذ أعلن ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي ترحيبهم بالفكرة وعزمهم على تنفيذها وارتداء الشال الفلسطيني خلال صلاة العيد كلّ في بلده، كما جرى تغيير صور البروفايلات بالعلم الفلسطيني والسوري أحيانا ممزوجاً بالفلسطيني، للتعبير عن التضامن مع غزة الجريحة.
هو عيد يعود بكل مآسي العام الفائت وما قبله، لكن صوت الألم والمعاناة والمآسي لا تزال تئن في آذان الجميع، ويرتفع الصوت من حناجر المناهضين للظلم والاحتلال والعدوان... أينما كان.

هشام منوّر... كاتب وباحث
&