&بورقيبه بعد مئة وإحدى عشر عاماً على مولده، وأربعة عشر عامأ على وفاته،&& وسبعة وعشرون عاما على إبعاده عن الحكم، بقي حاضراً في ماضي ومستقبل تونس بكل قوة .
مفارقة عجيبة لهذا الحضور فلم يكن ديمقراطياً ولم يكن ديكتاتورا يحلم بتجسيد سلطته على دماء شعبه، لكنه تميز عن الجميع أنه كان وطنياً حتى النخاع لم تكن له أحلام يصدرها أو أوهام بزعامة الأمة العربية وقيادتها من المحيط إلى الخليج.
سنوات طوال على رحيله مازال الزعيم حاضرا بقوة لايمر يوم دون أن يذكر من محبيه الكثر ومن القلائل الحاقدين عليه ويعتبروه عدوهم الأول ويحاربوه دون هوادة.
الحبيب بورقيبه أو زعيم الأمة كما كان يناديه المناضلين أيام الكفاح ضد فرنسا، حمل فكره التنويري ودخل معارك لم يتجرأ أي زعيم عربي على الإقتراب منها، لم يخف من الموروث الإجتماعي والثقافي ولم يعرف التردد فكان جبارأ في مواجهة التحديات صلبا في الدفاع عن مواقفه.
بعكس البقية حمل بورقيبه أفكارا صغيرة وسار فيها وحيدا، كان يحلم ببناء المدارس ونجح وبناء المستشفيات ونجح، رغم أن تونس من أفقر الدول في المتوسط وعديمة الموارد لكنه نجح في صناعة دولة حديثة رغم الفشل الذي رافق بعض الأفكار والإحلام التي تكسرت وسط الطريق .
لم يتبنى بورقيبه مشاريع خياليه أو حالمة، راهن على البشر ودافع عن المراة التي وقفت بعد ما يقارب ستين سنة تدافع عن تونس في وجه الردة والحقوق التي منحتها مجلة الحوال الشخصية للمرأة شكلت حصن الدفاع الاول عن تونس الحديثة& في مواجهة كل محاولات الإرتداد على المكاسب التي عرف قيمتها أبناء الشعب التونسي رغم خلافاتهم واختلافاتهم .
التعليم والصحة كانت أحلام بورقيبه التي أوصلها لضمير كل تونسي فكانت هذه التحديات تخرج من رغبات رئيس إلى حلم شعب.
كان بورقيبه الزعيم العربي الوحيد الذي يخاطب شعبه بلغة بسيطة يحاكي فيه فهم المثقف والجاهل يدافع عن قناعاته ويحكي في كل شيئ يهم الناس من الخبز إلى الفقر لتضحيات المعلمين في القرى يصنعون أجيال المستقبل.
عقلانيته المميزة التي غابت عنها البلاغة والكذب واجه بورقيبه الكثير من التهم والتخوين لكن شجاعته قادت كل خصومه بعد سقوط أوهامهم للصمت مكرهين& أمام شجاعته.
بورقيبه أحبه الناس لإنه كان منهم عاش معهم وراهن على الإنسان فوقف الكثيرون بعد رحيله يدافعون عن مشروعه تونس الحديثة في وجه الردة والتكفير،بعد سبعة وعشرين عاماُ على رحيله عن السلطة يقف بورقيبه اليوم من مثواه الأخير يواجه من اعتبرهم خصومه وبينه وبينهم أربعة عشر قرناً، وهم مازالوا يخشونه يعتبرونه عدوهم الأول وعلى صخرة قبره تتكسر أحلامهم.
حقدهم على بورقيبه دفعهم لإن يحلموا بتفجير قبره ونفيه من الذاكره لكنه بقي كما كان هزمهم حيا وسيهزمهم ميتاً.
لهذا القليل من الكثير في تاريخ رجل عظيم يبقى السؤال !!! من لايحب بورقيبه ؟.

&