منذ أن تسلط الحجاج بن يوسف الثقفي على حكم العراق ولحد يومنا هذا ونحن في عام 2014 تعاقب العشرات من الحكام والولاة والملوك والرؤساء على هذا البلد.بإستثناء الزعيم الخالد عبدالكريم قاسم والرئيس السابق جلال طالباني لم يترك أحد من هؤلاء ذكرى طيبة في نفوس العراقيين. ولم يتحسر أحد من العراقيين على حاكمهم كما يتحسرون بعد أكثر من نصف قرن على قاسم نصير الفقراء والرجل الطاهر الذي مات وفي جيبه دينار واحد ومائتان وخمسون فلسا، فيما ترك الآخرون من أقرانه المليارات لأودلاهم وأحفادهم وأعوانهم.

كل الحكام المتعاقبين على حكم العراق ساروا على نهج مثلهم الأعلى الحجاج الثقفي الذي قطف رؤوس مائة ألف أو يزيد من العراقيين، وساسهم على أساس كونهم أهل الشقاق والنفاق،ولذلك فإن أرض العراق إصطبغ منذ ذلك الحين بالدم والدموع في ظل حكام دكتاتوريين كان القتل مهنتهم والغدر شيمتهم والحجاج قدوتهم والذي قيل عنه"إن كل أمة ستأتي يوم القيامة بمجرميها،وتأتي أمة الإسلام بالحجاج وحده ممثلا عن الإجرام كله".

ودع نوري المالكي حكمه تاركا العراق خرابا ودمارا،ولا نملك أحصائيات مؤكدة عن عدد ضحاياه وأكثرهم من السنة من قتلى العنف الطائفي،فلربما قارب أو تجاوز عدد الذين قتلهم الحجاج.وقبله ارتكب صدام حسين مجازر عديدة وهدد بأن يترك العراق بلدا بلا شعب،وقبله سعى الكثير من الحكام الى خراب هذا البلد ممن إستغلوا سطوتهم وحكمهم الدكتاتوري لقتل العراقيين تحت ذريعة أنه شعب مشاكس متمرد لايسوس إلا بالسوط والعصا،ثم بالقتل والسحل. وبالمناسبة فإن سحل الجثث في الشوارع هو إختراع عراقي منذ أن بدأت موضة الإنقلابات تظهر في العراق بعد الإطاحة بالحكم المالكي.

في تصريح صحفي أكد السياسي العراقي مثال الآلوسي"أن هناك ثلاث دعاوى في محكمة العدل الدولية ضد المالكي تتعلق بجرائم إبادة ضد الإنسانية إضافة إلى الدعاوى التي سنرفعها ضده أمام القضاء العراقي". وشدد على أن "المالكي مزق وحدة البلد وهمش الجميع وتصرف بصورة فردية، وهو أول من خرق الدستور الذي يتحدث عنه وتشبث به من أجل البقاء لولاية ثالثة".

فيما أشار خطيب جمعة مدينة الفلوجة بمحافظة الانبار"أن حكم المالكي لسنوات خلف دمارا وتخريبا للبلاد ومعاناة لآلاف العوائل التي هجرت من الفلوجة والرمادي وتكريت والموصل وسامراء وحزام بغداد ومن ديالى جراء القصف العشوائي وبراميل الموت والمجازر التي ترتكبها المليشيات".

عجبي من حكام العراق يأتون للحكم سواء عن طريق الإنقلابات والثورات،أو حتى عن طريق صناديق العراق، وعندما يغادرونه يتركون بلدهم خرابا على خراب.

العراق بلد غني بثرواته،وهو من أغنى دول الشرق الأوسط من الثروة النفطية، وبدلا من توجيه تلك الثروات وبخطط تنموية فاعلة للنهوض بواقع العراق وإنتشاله من حالة الفقر والجوع والتخلف الذي يعاني منه شعبه الذي يعوم على بحر من النفط،مازال الكثير من العراقيون يعانون الجوع والأمية والبطالة،وتكرس أمواله الطائلة لشراء الأسلحة الفتاكة التي تستخدم غالبا ضد الشعب في صراعات طائفية أو عرقية.

بدلا من أن توجه ثروات العراق لإنهاض البنية التحتية، نجد بأنه بمجرد هطول الأمطار تغرق العاصمة بالفيضانات والسيول والأوحال، وبدلا من إنشاء المصانع ومؤسسات البحث العلمي وفتح الجامعات ومكافحة الأمية، تصرف المليارات على بناء جيوش الميليشيات وصحوات العشائر.

عندما ينظر الإنسان الى تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة تأخذه الحسرة على ما آلت إليه ظروف العراق،كانت هناك إمارات متناحرة وقبائل متصارعة،وبلد غارق في التخلف وفي عواصف الصحراء، لكن قيادة حكيمة تسلمت الحكم هناك فوحدت الإمارات وجمعت القبائل على كلمة سواء، فبنت بلدا عظيما أصبح اليوم مثالا للرقي والتقدم والرفاه الإجتماعي.

ترى بدلا من أن ينتظر العراقيون مهديهم المنتظر قرونا أخرى ليحارب الظلم والجور ويعلى راية الحق والعدل،أليس من المفترض أن يخرج من بين ظهرانيهم رجل يحب العراق وشعبه، ويقود سفينة الوطن الى شاطيء الأمان، ويسخر أموال هذا البلد في البناء وتحقيق التقدم والرخاء بدل أن تصطبغ المدن والشوارع كل يوم بمزيد من الدماء في صراعات وحروب لن ولم يكن من ورائها طائل أبدا.

أما آن لهذا البلد أن يستريح؟.

&

[email protected]

&