في 19 ايلول 2013 قامت جمعية الصحافيين الاحرار في تركيا والتي يترأسها الكاتب والصحفي المعروف السيد حسن جمال باحياء ذكرى وفاة الصحفي التركي الكبير محمد علي بيراند الذي ترك بصماته المؤثرة على الصحافة التركية المكتوبة والمرئية لعقود عديدة لاسيما برنامجه التلفزيوني الشهير : اليوم الثاني والثلاثين.
السيد أحمد التان كان من بين الذين القوا كلمة بتلك المناسبة. السيد التان هو روائي واديب اكثر منه صحفي ومع ذلك يعتبر واحدا من كبار الصحفيين في تركيا لا سيما شجاعته الفائقة في التصدي لكل التابوهات متحديا السلطة واجهزتها حيث قضى العمر في مقارعة الظلم والفساد يهرول من محكمة الى اخرى لكثرة الدعاوى المقامة بحقه من قبل السلطات لا يخش التوقيف او السجن والملاحقة في كل العهود بما فيه زمن الانقلابات العسكرية.
في كلمته قال السيد التان : 99 بالمئة من الصحافة هي جبانة وحقيرة ومع ذلك فان النسبة الباقية اي واحد بالمئة والتي تتمتع بالشجاعة والجرأة تلعب دورا كبيرا في التغيرات التي تحدث في العالم.
ثم يقول : " على الصحافة وبالتالي الصحفي بطبيعة الحال ان لا يخاف من السلطة ومن المالك او رب العمل الذي يملك الصحيفة او التلفزيون وكذلك ان لا يخاف من القراء ".
الخوف من السلطة يعرفه الجميع وكذلك الخوف من رب العمل الذي هو مصدر باب الرزق للصحفي ولكن الجديد هنا هو الخشية من القراء. هنا يأتي التان بمثال وهو احداث 1915 ضد الشعب الارمني في خوف الصحفي من القراء حيث يقول ان الاكثرية الساحقة من الصحافة التركية والصحفيين الاتراك لا يتجرأون على الكتابة بصراحة وقول الحقيقة في المجازر الارمنية في عام 1915 التي حدثت على يد الدولة العثمانية. الشعب التركي كله لا يقبل الاعتراف بتلك المجازر لاسباب قومية شوفينية او بسبب غسل الدماغ عند المواطن من قبل الدولة بدءا من المدرسة الابتدائية وحتى الجامعة او في الشارع او مجالس الحارات والمقاهي وفي كل مجالات الحياة والتي تنكر حدوث مثل تلك المجازر.
&كل الصحفيين يعرفون تلك الحقائق ولكن الجميع يكذب وينكر ولا يتجرأ على ذكرها خوفا من ردود الفعل لدى القراء كما يقول الصحفي الكبير.
تذكرت اقوال التان وانا اشاهد كالجميع ما يتعرض له السوريون وهم على دروب المهاجر.
اللاجئ السوري يقطع الاف الكيلومترات ويصارع الموت للوصول الى اوربا.
لايعرف لغة البلد المضيف ولا ثقافته ولااعرافه وتقاليده.
كانه ينتقل من كوكب الى آخر.
يضطر الى ذلك بالرغم من وجود 22 دولة عربية مسلمة يتكلمون نفس اللغة ولديهم نفس الاعراف والتقاليد والديانة.
هل الدول والحكام هم فقط من يتحمل المسؤولية؟ لا طبعا الشعوب العربية ايضا تتفرج على هذه الكارثة وكأنها حوادث تجري في المريخ.
هل تظنون ان الغرب وشعوبه والعالم برمته لا يعرفون الجغرافيا العربية وتركيبة شعوبها وان " الاقربون اولى بالمعروف " ومع ذلك يستقبلون اللاجئين السوريين الذين ينتمون الى ديانة وثقافة مغايرة تماما؟
دول عربية واسلامية تمتلك ثروات كبيرة وجغرافيات واسعة بوسع القارات تحولت الى جثث هامدة امام مآسي اللاجئين السوريين.
كلها ميتة لا روح فيها امام المهاجر السوري المنكوب.
لماذا؟
كان من المفروض ان تتلقف الصحافة والصحفيون هذا التناقض العجيب بالتحليل والنقاش وتسليط الضوء على المشكلة من كل جوانبها للضغط على الدول والحكام للوصول الى الحلول التي تضع حدا لهذا الانفصام الاخلاقي الفاقع.
اكثر من اربع سنوات والصحافة العربية تثبت للجميع مواقفها الجبانة بعدم الاشارة الى تخاذل الدول والشعوب العربية من خلال عدم التعرض الى هذه الكارثة الانسانية الرهيبة ولا تطلب من العربي والمسلم انه هو المعني والمسؤول اولا لتقديم الاغاثة وبناء المخيمات وسكن لائق بكرامة الانسان لاخوته السوريين.
ولكن ماذا عن الهجرة الكردية وصور الطفل الكردي آلان لا زالت حية امام اعيننا؟
مسؤولية هذه الهجرة الكردية تقع على عاتق الكرد وحدهم بالدرجة الاولى وليست هناك مؤامرات او ما شابه وعلينا البحث في الاسباب وايجاد الحلول المناسبة لها دون مزاودات او اتهامات بل بالتعاون والوفاق دون صخب او ضجيج.
هجرة الوطن هو من اصعب القرارات التي يتخذها الانسان في حياته ولولا الظروف القاهرة لا يمكن لاي كان ان يغادر موطنه. كل فرد مسؤول عن قراره ولكن لا يحق لنا نحن الذين نقيم على الارض الاوروبية ان نبيع الوطنيات والعنتريات الى الآخرين والطلب منهم عدم التوجه الى اوروبا الاستقرار والرفاه الاقتصادي اي ان نحرم على الآخرين ما نحلله لانفسنا. هذا في نظري هي قمة اللاخلاقية.
عندما نذكر الصحافة العربية فاني اعتقد ان هذا يشمل قناة ببسي العربية والتي كانت الاسوأ في تسليط الضوء على هذه المشكلة التي تعرضنا لها في هذا الحديث والتي يطبق عليها مثال " شاهد ما شافش حاجة ".
&
&
كاتب كردي&