&

لماذا المنطقة الشرق أوسطية عموما والعربية خصوصا، تمشي على برميل من البارود؟

عندما سيطر نمط السلطة المشخصنة على الدولة الناشئة في المنطقة، بعيد استقلال المنطقة عن الاستعمار التقليدي، كان البناء يجري على اساسات من الوهم والدم. هنالك نقلة على مستوى التأسيس لا بد منها. نقلة تحصين الدولة الناشئة ضد السلطة الوارثة للحقبة الاستعمارية، هذه النقلة لم تحدث. الدولتان الوحيدتان اللتان لم تستعمرا في المنطقة هما تركيا والسعودية. رغم ان الاستعمار الإنكليزي أحاط السعودية من كل الجوانب. السعودية وتجربتها في هذا السياق تحتاج لدراسة خاصة، كذلك تركيا. بقية دول المنطقة، أزيل الولاة العثمانيين، وجاؤوا السلاطين والامراء والرؤساء، ولم تأت الدول. حتى وصلنا إلى نظام شرق اوسطي عماده، سلطات قوية على شعوبها في دول ضعيفة وفاشلة. استطاعت هذه السلطات ابتلاعها وابتلاع دورها في تحصين نفسها ومجتمعها. الملكيات المشخصنة كانت أكثر استقرارا في هذا المضمار، رغم خصوصية كل تجربة. كل حدث هو بناء على توجيهات وعطاءات ومكرمات رئاسية او اوامر وهبات ملكية، هكذا كانت تدار المجتمعات في هذه الدول العربية. الاستعمار الجديد، كان يدير أرباحه من ثروات هذه المجتمعات عبر وسيط قوي ومجرم عند الضرورة هو السلطة المشخصنة. إدارة هذه الثروات لا يحتاج لدول فيها مؤسسات ومستقرة. لا تحتاج لنظام سياسي الدولة فيه محصنة أمام تغول وحوش السلطة في النهب والقتل واحتقار القانون، واطلاق شرعة الفساد على كافة الصعد. السؤال البسيط الذي يجب طرحه في هذا الحقل هو" هل من مصلحة الدول المسيطرة عالميا قيام دول طبيعية كدولها في منطقتنا؟"

كنت افترض ربما بحسن نوايا أو بجهل أو كلاهما معا، أن بعض الدول الكبرى وخاصة أمريكا، تريد استقرار ليبرالي لبعض دولنا، لهذا كان هنالك جناح في أمريكا أراد تصدير الديمقراطية إلى دولنا. فصدرها لدول العالم الاشتراكي السابق، وصدر إلينا شرعة جديدة لبقاء غالبية السلطات السوداء الفاسدة، شرعة القاعدة والجهاد وما يسمى الإرهاب الإسلامي. وضعت شعوبنا أمام معادلة جديدة، إما جهادية او ديكتاتورية. بعد أن كانت إما غربية أو شرقية. اثناء عقود الحرب الباردة. عندما تخلصت أمريكا على سبيل المثال من سلطة مشخصنة صدامية في العراق، لم نجد ان هنالك دولة ولا حتى مجتمع. ذلك الحال الآن في سورية. تحول العراق بعدها إلى قادة ميليشيات إيرانية وغير إيرانية. كان بإمكان أمريكا الطرف القوي في المعادلة مساعدة العراق وشعبه على النهوض بدولته لو ارادت. ليس فقط قيام نظام ديمقراطي بل تبديل الديكتاتور حتى، يستتبعه انهيار الدولة وانهيار المجتمع. هذا ليس خيارا داخليا لدى هذه السلطات المجرمة، بل هو خيار أمريكي أساسا. الجزائر العراق سورية اليمن ليبيا مصر. ما يسمى الجمهوريات الوراثي منها وغير الوراثي. كلها تحولت لساحة حروب مزمن. بلدان تسير فوق حقول الغام. دائرة العنف فرضت على مجتمعاتها من الخارج، لأنها ارادت الحرية او أن تعيش مثل بقية شعوب العالم. دولة قانون ومساواة وحقوق ونظام سياسي ديمقراطي. ادارة أوباما ادارت العالم بناء على هذا المعطى. دعمت كل ما من شأنه استمرار حلقة مفرغة من العنف المزمن المستندة على الحلقة المفرغة لسلطات مشخصنة بلا دول. هل هنالك أمكانية للخروج من هذه الجريمة العالمية بحق شعوبنا وخاصة شعبنا السوري؟ ماذا تستطيع النخب المعارضة أن تقدم في هذا المجال، للخروج من هذه الشرنقة؟ في السياسة الدولية الحق منفصل تماما عن المصالح.

فهل يمكن لامريكا أن يكون لها مصلحة في قيام دولة قانون وديمقراطية وحقوق انسان في سورية؟ إدارة أوباما لا مصلحة لديها حتى مجرد التفكير بهذا الامر كما ترى. لكن هل يمكن ان يكون هنالك مصلحة للإدارة القادمة بعد أوباما؟ هذا ما ستحدده الانتخابات الامريكية هذا العام. حلقة مفرغة من دم شعبنا السوري أرادها أوباما عبر الأسد، وتم له ذلك. لهذا لا خيار إلا بسقوط الاسدية في سورية.