هل توجه مصر ضربة عسكرية لتدمير سد النهضة التي توشك أثيوبيا على الانتهاء منه في غضون ستة أشهر..؟، أم تلجأ مصر إلى محكمة دولية لتضمن حقوقها المائية والتمسك بالاتفاقيات الدولية التي التزمت بها دول حوض النيل منذ أوائل القرن الماضي.. وقد كانت أولى هذه الاتفاقيات لتقسيم مياه النيل قد ظهرت عام 1902 في أديس أبابا، وعقدتها بريطانيا بصفتها ممثلة لمصر والسودان وأثيوبيا، ونصت على عدم إقامة أي سدود على النيل الأزرق.. ثم تمت اتفاقية بين بريطانيا وفرنسا عام 1906، ثم اتفاقية أخرى عام 1929، وهذه الاتفاقية تقرر حصة مصر من النيل بموافقة دول حوض النيل، وأن لمصر الحق في الاعتراض على أي سدود تقام على النيل دون موافقتها، حتى تحتفظ مصر بحصتها المائية التي تصل إلى 55.5 مليار متر مكعب، وتتجاوز مرحلة الخطر، دون أن تتعرض للتصحر والجفاف بعد أن كانت "مصر هبة النيل"..
المغروف أن سد النهضة هو أكبر سد مائي في القارة الأفريقية، والعاشر عالمياً، ويقع على النيل الأزرق، وتكلفته تصل إلى 4.7 مليار دولار أمريكي، وتستهدف أثيوبيا من ورائه إنتاج الطاقة الكهرومائية، وهو واحد من ثلاثة سدود تنوي أثيوبيا تشييدها لإنتاج الكهرباء، ويرى الخبراء المصريون أن السد سوف يؤثر على حصة مصر المائية، الأمر الذي يهدد مستقبلها المائي، ويهدد الأجيال القادمة على المدى البعيد، بالجفاف والعطش، فضلاً عن انهيار الثروة الزراعية..
أمام كل هذا، تواصل أثيوبيا تعنتها وتستمر في طريقها لبناء السد..؟، ولم تهتم بتأثيره على دول المصب "مصر والسودان"، فإلى جانب تأثير السد على حصتهما المائية، هناك حوف من انهيار السد لسبب أو لآخر، ما يعرض دول المصب للغرق، نتيجة الفيضان الذي سوف تتسبب فيه المياه التي تم تخزينها خلف السد بهدف توليد الكهرباء..
حتى الاجتماعات السيداسية التي جرت مؤخراً بين وزراء الخارجية والري من الدول الثلاث لم تسفر عن شيء حقيقي على الأرض، ولم تقدم أثيوبيا أي تنازلات تشير إلى حسن نواياها من وراء بناء هذا السد، وكل ما فعله وزير الخارجية المصري سامح شكري، أنه أطاح بميكرفون قناة الجزيرة أرضاً، ليعرب عن موقفه وموقف مصر منها، باعتبارها القناة التي تعادي مصر، ودائمة توجيه سهام النقد لها، في نفس الوقت الذي أيدت وناصرت فيه الإخوان المسلمين منذ وصولهم للحكم، وحتى سقوطهم تحت عجلات الإرادة الشعبية، التي أطاحت بحكم الجماعة في 30 يونيو 2013، بعد عام واحد من اختطافهم للسلطة في مصر..! وللأسف كل ما فعله شكري ليس إلا "شو إعلامي"، لن يحل مشكلة سد النهضة وينقذ مصر من كارثة محققة في حال بنائه..!
ليس أمام مصر الآن تجاه هذا الملف الشائك، سوى التقدم بشكوى لمجلس الأمن، أو المطالبة بتدخل الأمم المتحدة، لأن الضرب العسكرية قد تكون آخر الخيارات أمامها، في حال أيقنت أن هذا السد سيؤثر على مستقبلها ومستقبل شعبها بأجياله المتعاقبة، والتي لن تغفر لكل مسؤول على رأس السلطة تقاعس عن التمسك بحق مصر في المياه، ولم يتخذ أي إجراء يحمي الوطن وشعبه من تعنت أثيوبيا، واستغلالها للفوضى التي عمت مصر منذ ثورة 25 يناير، وبدأت في الإسراع ببناء هذا السد، في ظل انشغال مصر بمستقبلها السياسي، ومحاولة التغلب على مشاكلها الداخلية، وإعادة بناء مسيرتها الديمقراطية، التي اكتملت مؤخراً بوجود برلمان بعد وضع دستورها وانتخاب رئيسها، وإن كان البعض غير راض عن مسار العملية الديمقراطية، وينظر إليها على أنها منقوصة..
هذه الجرأة الاثيوبية لم تأت من فراغ، فهي تتحصن بدول كبرى خلفها لها مصالحها واستفادتها من بناء السد، خاصة وأن أثيوبيا تلقت اسنتثمارات بالمليارات من الخارج، وعروض للمساهمة في انتعاشها إقتصادياً، وهذه الدول إما أنها تحاول استثمار أموالها وتحقق مكاسب إقتصادية تضخ في خزائنها أموالاً لا تحصى، وإما تحاول الانتقام نتيجة خلافات سياسية أو حقد دفين على مصر بعد أن خرجت سليمة من فيضان الخريف العربي، ولم تسقط مثل الدول التي سقطت من حولها ولم تقم لها قائمة، وغرقت في بحر من الفوضى والعنف..
كما ذكرت، أن الخيار العسكري بالنسبة لمصر قد يكون في آخر القائمة بالنسبة لحل لهذه الأزمة، لكن في اعتقادي أنه غير مستبعد، لأن هذا السد يضع مصر في مهب الريح، ويجبرها على السير في طريق الدفاع عن وجودها وكيانها ومستقبلها، بعد أن اكتشفت أن هناك دولاً معادية لها، باجهزة مخابراتها تسعى لإدخال مصر في أنفاق مظلمة، وتحاول تركيعها بعد ذبلت أوراق الربيع العربي فوق أرضها، وتيبست نتيجة أنها نثرت بذورها في أرض غير صالحة للزراعة، ولم تكن مصر تربة خصبة لنمو هذا المخطط الشيطاني، الذي وضع العرب في اختبار صعب لم يكن في الحسبان..
أكررها، لا طريق آخر أمام مصر، في حال فشل المفاوضات سوى الحل العسكري، احتراماً لشعبها وتاريخها وحضارتها، وحفاظاً على هيبتها على المستوى الداخلي والخارجي.. فهل تنصت أثيوبيا لصوت العقل، أم ستصر على السير في الاتجاه المعاكس، مستمدة قوتها من الدول التي تساندها، وساعتها، لن تلوم سوى نفسها..!!
&
** كلمة ونص:
الأماني والأحلام وحدها، ليست كفيلة ببناء الأمم،،،!

كاتب مصري
&