بمرور عام على وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز ــ رحمه الله ــ هناك الكثير مما يذكرنا بسيرته وعهده الذي شهدت فيه المملكة العربية السعودية تحولات ايجابية كبرى ، لاسيما في مسار استكمال مشاريع التطوير داخلياً. &&
فالملك عبد الله بن عبد العزيز ــ رحمه الله ــ كان أحد كبار ملوك العرب والمسلمين الذين ضربوا أروع النماذج في الحب والبذل والعطاء من أجل وطنه وشعبه وأمته العربية والإسلامية.&
لقد شهد عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز ، عقدا من الانجازات الكبيرة التي كشفت عن حبه للخير ، وتفانيه في خدمة شعبه ، وتواضعه الذي كان صادقا فيه مع الجميع &وصراحته التي عبر عنها في مختلف مواقف حياته .&
إن التحديات التي شهدها عهد الملك عبد الله ، كشفت عن استجابات نهضوية ، شملت العديد من نواحي الحياة في المملكة العربية السعودية ؛ ابتداء من توسعة الحرمين الشريفين ، ومرورا بالتوسع في التعليم وتطويره وتكثيف البعثات الخارجية ، وبناء المشروعات والصناديق والبرامج الخدمية من اجل المواطنين ، وغير ذلك من الانجازات المتعددة .&
يمكننا القول أن الجهود التي بذلها الملك عبد الله بن عبد العزيز ـ رحمه الله ــ كانت تعبيرا عن تطورات نوعية تميزت بالجرأة في اتخاذ القرار ، والإيمان العميق بأنه ليست هناك أي تناقضات بين الإيمان بقيم الإسلام الخالدة وبين العيش والتفاعل مع التحديات التي يفرضها هذا العصر في ضوء القيم الإسلامية ، ومن هنا كان الملك عبد الله ـ رحمه الله ـ مؤمنا بالدور الريادي الذي حقق به جملة من الانجازات المهمة في المملكة العربية السعودية داخليا.&
فمن جملة الإصلاحات الرائدة للملك عبد الله بن عبد العزيز ــ رحمه الله ــ في مجال التطوير الذي نظم به العديد من مؤسسات الدولة : اتخاذ قرار ملكي &بتعزيز دور المرأة السعودية في مجلس الشورى السعودي ، ولقد كان ذلك القرار التاريخي بمثابة نقلة مهمة في الاعتراف بالدور الرائد للمرأة السعودية واستحقاقها لأن تكون في مقدمة المساهمين في العديد من المؤسسات التشريعية الوطنية للدولة.كما كان هذا الانجاز تقديرا منه لدور المرأة السعودية واستشرافا لممكنات طاقاتها وما تستطيع المساهمة به في بناء وطنها من موقع الاختصاص والأهلية.&
قادت المملكة العربية في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز ــ رحمه الله ــ حملة ناجحة في مكافحة الإرهاب ، حيث تمت مواجهة الجماعات الإرهابية من خلال خطط أمنية وفكرية وبرامج مختلفة لمكافحة الظاهرة الإرهابية . ولقد حققت المملكة انتصارا على الجماعات الإرهابية بفضل الجهود التي بذلتها وزارة الداخلية تحت قيادة الأمير نايف بن عبد العزيز ــ رحمه الله ــ إلى جانب ذلك ساهمت المملكة العربية السعودية بالتعاون مع العديد من الدول العربية والأجنبية في تجنب الكثير من الحوادث الإرهابية عبر تبادل المعلومات والخبرات والتخطيط المشترك ، كما أن مواجهة الظاهرة الإرهابية من خلال برامج الأمن الفكري ، وبرامج المناصحة وإعادة الدمج كان لها آثار واضحة في نجاح عمليات مكافحة الإرهاب.&
على المستوى الدولي دعت المملكة العربية السعودية إلى إنشاء مجلس مستقل لمكافحة الإرهاب تحت إشراف الأمم المتحدة وساهمت المملكة في تمويله ليؤدي دوره كمجلس يعنى بمكافحة الإرهاب في الإطار الدولي ، ومن خلال مجموعة من النشاطات المشتركة بين مختلف دول العالم ، وبكافة مستويات العمل المشترك.&
بين التوجه الداخلي الذي حاول من خلاله الملك عبد الله بن عبد العزيز إحداث نقلة نوعية في مستوى النهضة الداخلية بجملة من المشاريع التحديثية والخدمية العملاقة &وبين الجهود الخارجية التي عكست اهتماما من طرفه &؛ سواء لناحية استتباب الأمن في المنطقة والعالم ، عبر المساهمة الفعالة في مكافحة الظاهرة الإرهابية ، أو عبر بناء علاقات التعايش والتفاهم من خلال اهتمامه &بالحوار العالمي بين أتباع الأديان ؛ كانت كل تلك الجهود بمثابة تمهيد للدور الذي تضطلع به المملكة العربية السعودية اليوم في ظل عهد الملك سلمان بن عبد العزيز، وما يواجهه هذا العهد من تحديات إستراتيجية كبرى .&
لقد جاء عهد الملك سلمان بن عبد العزيز ، مكملا للجهود التي بذلها سلفه وأخوه الملك عبد الله ، رحمه الله ، بيد أن المتغيرات الإقليمية والدولية الجديدة التي شملت المنطقة العربية والخليج استدعت بالضرورة ملامح جديدة لمواجهة تداعياتها في الخطط الإستراتيجية الجديدة لعهد الملك سلمان بن عبد العزيز .&
وإذا كان عهد الملك عبد الله قد جسد طموحا كبيرا في مواجهة الكثير من استحقاقات المملكة العربية السعودية داخليا ؛ فإن التحديات الخارجية بدت اليوم هي التحديات الأبرز في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.&
رحمه الله الملك عبد الله ، وأسكنه فسيح جناته .&