رجحت أغلب التحليلات السياسية فشل اجتماع التحالف الوطني «الشيعي» الذي عقد قبل أيام في كربلاء. بيان السيد مقتدى الصدر بعد الاجتماع، عزز هذا الترجيح.&
&
الأمر فشل، والجمع الذي قاد الحكومة لسنوات خلت، تبدد... هكذا يشاع. وهو ما يعول عليه من قبل أغلب الباحثين عن التغيير، لأن الاتفاق يعني توافقا جديداً يعيد الجميع لنقطة البدء. لكن هناك معطيات أخرى تشير الى أن التحالف يسعى لإعادة ترتيب اتفاقاته وأوراقه، مراكز القوى الشيعية ومن خلفها الحليف الإقليمي القوي تجد باستمرار فرصة لهذا التحالف القديم أن يتحصن خلف برج توافقاته، لأن اطرافه مهما تشتت عودتنا على العودة لذات الرؤية القديمة، كون النوايا مشكوكاً بها، والأهداف من وراء التصعيد ليست بالضرورة تهدف نحو التغيير. والاجتماع حدث نادر في لقاءات الساسة، فهو الأول من نوعه الذي جمع زعامات التحالف. وإجراؤه في كربلاء أيضا رسالة مذهبية صريحة، للشارع من جهة وللخصوم من جهة أخرى. والصورة التي انتشرت للاجتماع، تعبر عن حالة الأخوة الأعداء بين نظرتي الحكيم الباسمة والصدر الغاضبة. غياب نوري المالكي، يشير الى أن الجهة الراعية للاجتماع بعثت برسالة تطمين لخصومه داخل التحالف. والأخير لم يرفض في بيانه ما حصل داخل المحادثات، إنما البيان الختامي، لأنه بالفعل لا يعبر عن كل ما جرى.&
&
فبحسب مصادر اطلعت على المحضر، كان هناك تقارب بين الزعماء المشاركين، باستثناء حسين الشهرستاني، على وضع العبادي بين ثلاثة سيناريوهات:&
&
أولا/ يقدم رئيس الحكومة رؤيته الشاملة في الملفات الامنية والاقتصادية والسياسية والخدمية، وفي حال توفرت مؤشرات نجاح تلك الرؤية وفاعليتها واصلاحيتها، يتبناها التحالف.
ثانيا/ يتفق التحالف الوطني على استراتيجية حول الملفات الأربعة أعلاه، خلال مدة أقصاها زمنية تتراوح بين أسبوع وشهر، وبعد الاتفاق يخرج العبادي ومعه قادة التحالف لإعلانها، ويكون ملزما بتنفيذها.
ثالثا/ ينفرد العبادي باتخاذ الخطوات التي يراها بدون توافق، ويكون التحالف غير مسؤولا عن فشله أو نجاحه، ويتخذ كل طرف من اطرافه الطريق التي يراه مناسبا للتعاطي مع الامر.&
هذه السيناريوهات أراحت الصدر، الذي اكد في بيانه على دعم العبادي شريطة أن يتخذ خطوات إصلاحية. والخيار الثالث تحديداً هو التهديد الصريح الذي يريد.&
&
بالتأكيد ان غياب الثقة تجعلنا عاجزين عن الإيمان بالنوايا. لكن الواضح أن الصدر هذه المرة يدفع باتجاه صريح، أنه مع التغيير، شريطة أن لا يكون وفق مقاسات حزب الدعوة. وفي هذه النقطة يمكن ان نحسن الظن. مشكلة حكومة التكنوقراط المطروحة أنها قد تكون وفق مقاسات الدعاة، بمعنى أن تطيح بكل الخصوم داخل الحكومة ويبقى استحقاقهم من المناصب الدنيا على حساب الآخرين.&
&
وهذه المخاوف لا تخص التيار، انما تشمل المجلس الأعلى والأحزاب الكردستانية والسنية. وكل طرف تعامل معها بطريقته، فالمجلس مثلا قدم استقالة وزرائه لكنه هدد في حال لم يكن الأمر عادلاً، أما التيار فلا يمتلك القدرة على التهديد السياسي، انما لديه خيار الشارع العريض القادر على التجمع بحجم ما حصل في أمام المنطقة الخضراء في الجمعة الفائتة وساحة التحرير في الجمعة التي سبقتها. وقام بتشكيل لجنة لاقتراح وزراء تكنوقراط، في خطوة استباقية تدخل ضمن الصراع مع الدعوة. لهذا إن محاضر الاتفاق تبقى رهن بقدرة العبادي على تطمين مخاوف خصومه بأنه لا يريد الانتصار لحزبه في مقترح حكومة «غير حزبية».&
&
بالطبع، هذا الهدف والدافع واحد من أسباب وأهداف أخرى وراء التظاهرات، ووراء الانفتاح الصدري على المدنيين، ووراء التصعيد المستمر ضد الحكومة... يمكن أن يسلط عليها الضوء في مناسبات أخرى.&
&