تعتبر معاهدة "ويستفاليا – 1648م" التي أنهت الحروب الطاحنة التي شهدتها القارة الأوروبية بداية نشوء الدول القومية حيث انتهى بموجبها عصر الاقطاع وبدأ العصر&الصناعي، وتم إرساء نظام عالمي جديد قوامه "الدولة القومية" التي تزامنت مع تفكك الإمبراطوريات، ونشوء كيانات حدد سكانها لأنفسهم ملامح تميزهم عمن سواهم.&الدولة القومية هي كيان يستمد شرعيته السياسية من تمثيل أمة مستقلة وذات سيادة& في موقع جغرافي محدد، وفق توافق سياسي وثقافي بين مختلف المكونات المجتمعية لتشكيل هذه الدولة.&في القرن التاسع عشر،&انتشرت الأفكار القومية في أوروبا بصورة كبيرة أدت إلى منح فكرة "الوطن"&ومفهوم الأمة" مكانة مقدسة.

الدولة العميقة، أو الدولة المتجذرة أو دولة داخل&الدولة،&مفهوم شائع غير اختصاصي يستخدم لوصف أجهزة حكم غير منتخبة تتحكم بمصير الدولة،&كالجيش أو المؤسسات البيروقراطية المدنية أو الأمنية أو الأحزاب الحاكمة، وقد تتكون الدولة العميقة بهدف مؤامراتي أو بهدف مشروع كالحفاظ على مصالح الدولة كنظام حكم.&يفترض بأن للدولة العميقة عناصر موجودة في مؤسسات ومفاصل الدولة المدنية والعسكرية والسياسية والإعلامية والأمنية، وتقدر هذه العناصر التي تعمل صوب أهداف مشتركة من التأثير وتوجيه مؤسسات الدولة الرسمية وقراراتها السياسية. &من الأمثلة الشائعة على مفهوم الدولة العميقة، الدولة العميقة او المتجذرة في تركيا،&والدولة العميقة في الولايات المتحدة&(وكالة الاستخبارات المركزية ومراكز القوى الأخرى)،&و مصر (الجيش و كبار رجال الأعمال) وغيرها.&(المصدر: ويكيبيديا – الموسوعة الحرة).

نشأت ظاهرة "الدولة العميقة" لأول مرة في العقد الثاني للقرن العشرين في تركيا، وكانت عبارة عن شبكة سرية انشأها "مصطفى كمال اتاتورك" عام 1923م، وكانت مكونة&من مجموعات من ضباط القوات المسلحة والشرطة وبعض من رجال القضاء&والبيروقراطيين&وعناصر أخرى، وكانت مهمة تلك الشبكة القيام بأعمال سريه تهدف الى الحفاظ على علمانية الدولة التركية، ومحاربة أي فكر او حركة او حزب او أعضاء الحكومة من شأنه تهديد العلمانية.

واذا كانت تركيا هي مصدر مصطلح "الدولة العميقة" فإم بعض المؤرخين يرجع جذوره الى عملية تطوير ما يسمى "دولة الأمن القومي" في الولايات المتحدة في أواخر الأربعينيات من القرن الماضي، حيث رأت حكومة الرئيس "هاري ترومان" وقتها أهمية التركيز على الأمن القومي الأمريكي&استجابة&لصراع الحرب الباردة مع الإتحاد السوفيتي. وعليه وقع الرئيس "ترومان" في عام 1947م قانون الأمن&الوطني الذي تأسست وفقا له وكالة المخابرات المركزية&(CIA)، ووكالة الأمن القومي&(NSA)&ومعظم الأجهزة الأمنية في جهاز الأمن الداخلي والخارجي، وكانت هذه انطلاقة التفكير في دولة الأمن القومي. وبدا ان الدولة العميقة تتمثل في شبكات السلطة السياسية في العاصمة "واشنطن"، والسلطة المالية&والاقتصادية&في&"وول ستريت – نيويورك" التي تعمل على حماية مجموعة من شبكات المصالح المختلفة.&&

يعد القانون واستخدامه بطرق مختلفة وغير واضحة أحيانا من الوسائل الهامة في يد الدولة باعتبارها هي المشرع للقانون والمنفذة له في ذات الوقت. &وداخل هذا الاطار نتعرف على حالةالدولة العميقة،&تلك الحالة التي من خلالها يتم توقف العمل بالقانون ويكون المبرر لذلك هو اتخاذ التدابير اللازمة للدفاع عن الدولة ضد الخطر الذي يواجه " الأمة "، فعندما تعلن الدولة حالة الطوارئ فيتم تعليق العمل بالقانون.&هناك ستة أجهزة تحمي الدولة العميقة وهي: الجهاز السياسي والجهاز التشريعي والجهاز القضائي والجهاز&المالي والجهاز التنفيذي والجهاز الإعلامي. يتحرك كل جهاز من هذه الأجهزة&باتجاه&معين، ولكن في النهاية بشكل أو بآخر يصب كل جهاز في مصلحة الدولة العميقة.

وعليه، يمكن القول بأن الدولة العميقة هي بنية تقليدية تراكم المزيد من السلطات والخيرات على حساب الحكومات المعلنة، فهي سلطة لا مرئية تتكون من&قادة&الجيش&وأجهزة المخابرات&وكبار المستشارين ورجال الأعمال والسياسة الأكثر قربا من&رئيس الدولة، ما يجعلها الأكثر استفادة واستدامة، حتى وإن&سقط الرئيس&او تم اغتياله.&الدولة العميقة هي التي افشلت انتفاضات الربيع العربي، وهي التي تحاول حاليا عرقلة التحول السلمي الى الديمقراطية الحقيقية في&اغلب الدول العربية.