خلافاً لتوجه الكثيرين&كنت ممن يعتقدون بأن&الحكومة الجديدة في اقليم كوردستان رغم مجيئها متأخرة&عن موعدها&بعض الشيء، الا أنها عاقدة العزم على سلوك مسار مختلف عن سابقتها واتخاذ&وتيرة أسرع في معالجة المشاكل الداخلية&والخارجية المختلفة، معتقداً&بأن&ما خرجت به حتى الآن من قرارات وخطوات&خير&دليل&على هذا التغيير&المرجو، ولكن&مع مرور&اكثر من شهرين&على&مباشرتها&عملها&بدأتُ&أتيقن&بوجود ضبابية في منهجها للتعامل مع الأوضاع الاقتصادية والسياسية وعدم وضوح في نظرتها&لمجالات حيوية أخرى.

ومنذ أدائها اليمين&بدا&جلياً ان&حكومة المشكلة لتوها تريد بدء مهامها على الصعيدين الداخلي والعراقي بقوة&وحزم&وهذا&ما&فسر&–&في ظنَي -&ما خرجت بها في اولى جلساتها -&التي من المفروض ان تخصص لتعرف الوزاء على بعض وعلى شؤون الوزرات التي سيتسلمون مسؤولياتها- من قرارات حول&الالتزام بالدوام الرسمي&واوقات العمل الرسمية&والحفاظ على سرية شؤون العمل الوظيفي&وضرورة الغاء الروتين&ومحاربة&ظاهرة الرشوة&والفساد في المفاصل المهمة، وكذلك زيارة وفد رفيع&ترأسها رئيس مجلس الوزراء ونائبه وضم&مسؤولي&الوزارات المهمة في الاقليم الى بغداد للقاء المسؤولين العراقيين في الرئاسات الثلاث&وصولاً&الى قرار&مجلس&الوزراء في الاقليم،&لتشكيل لجنتين&من أجل إجراء&محادثات مع الحكومة الاتحادية&بهدف معالجة&المسائل العالقة&بين الجانبين، الاولى&تختص&بشؤون&النفطوالموازنة، ورواتب الموظفين،&والثانية&تتعلق&بالمناطق&المتنازع عليها.

ولكن&سرعان ما اصطدمت&هذه الرؤية&المتسرعة&والاندفاع&المتحمس&بتحديات&لم تكن في الحسبان&من قبيل&تأخر وصول الدفعة المالية المتفق عليها مع بغداد لصرف رواتب الموظفين وعلى&المستوى&الأمني&شهدت اربيل&حادثة&مقتل&موظف&في&القنصلية التركية وخارجياً&اعتدىاتراك متعصبون على سياح اكراد في تركيا،&الا ان&جميعها انصبت في النهاية&بشكل أو بآخر&في مصلحة&الحكومة&اِذ&بدأت الرواتب توزع&حسب جدول زمني&رغم تأخرها&كما&اعتقل&المشتبه في انهم&مدبروا عملية&قتل الموظف التركي&وان كانت&الشكوك&تحوم حول&صحة الرواية الحكومية&للحادث، كما عبرت الحكومة&في تطور ملفت&عن قلقها&جراء ما حصل&في احدى المدن التركية بحق السياح، وأوعز&بمخاطبة المسؤولين&الاتراك&بهدف الإفراج عن السياح الموقوفين&وهذا ما تم بالفعل.

والآن وبعد مرور اكثر من شهرين على اداء الحكومة اليمين الدستورية ونيلها ثقة البرلمان&لايزال المواطن الكوردي ينتظر بفارغ الصبر&بوادرخير فيما يتعلق بتقديم الخدمات&وتحسناً في وضعه المعيشي المتردي اذ لاتزال الرواتب تتأخر كما في السابق بل&ان&هناك مخاوف&حول عدم ضمان بقاء الاتفاق المبرم حول حصة الاقليم من الميزانية كما&هو&في مشروع قانون الموازنة لسنة 2020&والذي سيشكل التحدي الحقيقي لها،&كما فتح سوء الخدمات والتلكوء في تقديم الضرورية منها الباب على مصراعيه امام&بروز&المزايدات السياسية للاحزاب المعارضة&متحدية&المؤسسات الحكومة في تقديم خدمات&بسيطة كاصلاح الارصفة وصيانة الطرق.

قد يكون من المبكر تقييم واطلاق احكام على حكومة لم تكمل&اليوم المئةفي عملها&بعد ومع ذلك من حق المواطن ان يسأل&عن&مصير&التغيير الذي وُعِد به&خلال الحملات الانتخابية، ومن حق المراقبين الاستفسار عن جدوى قرارات واجراءات اعلنتها الحكومة الجديدة ولاتزال&حبرا على ورق&ولم تتجاوز تغيير بعض الوجوه&وعن تنفيذ البرنامج الطموح الذي&اعلنته&موليةً فيه المواطن وتحسين الخدمات الأولية التامة.&ومع اعلان الحكومة عزمها&التوجه الى بغداد والسعي الى&"طوير شراكة بنّاءة ومستقرة"&تضمن حقوق الاقليم&ومواطنيه الا ان&الضبابية في توجهها وسياستها بهذا الصدد&تبعث على القلق فان كانت الحكومة السابقة لم تخف تبنيها الاستقلالية في السياسة النفطية دون الرجوع الى المركز فان هذه الحكومة لم توضح&بجلاء&سياستها&المستقبيلة&في هذا المجال وان كانت قد لمحت اكثر من&مرة الى&توجهها&نحو الحكومة الاتحادية والاتفاق معها&واعتبار&الدستور&الفيصل للمفاوضات مع بغداد.

تفاءل الجميع خيرا بقدوم الحكومة الجديدة&راجين تغييرات محسوسة&في&كافة النواحي&ولكن الواقع جاء حتى الان مخالفاً لذلك، اذن يقع على عاتق الحكومة وهي تدخل شهرها الثالث&وتقترب من اليوم المئةتعزيز هذا التفاؤل بخطوات عملية&يطمئن المشككين في قدرتها على احداث تغيير ومسح ذلك الانطباع الذي يراها نسخة&عن التي&سابقتها.

*صحفي من كوردستان العراق