مجدداً ، تكشف البيانات المشتركة من السعودية والإمارات بشأن التطورات في اليمن ، حجم التطابق والتوافق في موقفهما والبنية المتماسكة التي تجمعهما إزاء وضع شديد التعقيد يكسو الأوضاع في اليمن ، الأمر الذي مكّن خصوم التحالف والشرعية من الصيد في المياه الآسنة ، والتقاط إشارات معتسفة عن انشقاق في جسم التحالف ، والواقع أن هذه أمنيات لا تمت إلى الواقع بصلة ، يدفعها تفكير رغبوي يريد لهذه العلاقة أن يصيبها الوهن والضعف ، بعد أن منعت تحصيناتها الكثير من الويلات أن تتمدد وتهدد قلب المنطقة وتفتك باستقرارها وتحرف مسارها.

في جغرافيا أخرى من خريطة الواجبات المشتركة ، ووسط غبار الإشاعات التي صوبت في وجه العلاقة الاستراتيجية التي تجمع الرياض بأبوظبي ، اختارت العاصمتان أن تقدم نفياً عملياً يبدد كل تلك السحب المفتعلة من التلفيقات ، بوفد مشترك يجمع وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد ووزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير ، وصلا إلى باكستان على متن طائرة واحدة لتقديم موقف عملي وفعال تجاه الأزمة الطارئة في كشمير.

تريد العاصمتان أن تؤشرا بوضوح إلى حجم الواجبات التي تجمعهما في عديد الملفات المشتركة ضمن علاقة استراتيجية تزداد مع الوقت تماسكاً وصلابة ، فيما الأمنيات الفاسدة التي تود لهذا العلاقة أن تتفتت ، تذروها الرياح وتطير شذر مذر مع كل واقعة وحدث جديد يوحد الموقف ويعيد انتظام الصف.

رغم أن التلفيقات لم تهدأ ، وقد نسجت بدافع تفكير رغبوي يريد لهذا الحلف العميق أن يتفكك ، بوصفه الجدار المنيع ضد الكثير من المشاريع الإقليمية ومطاياها المحلية ، لم تكتفي قيادة البلدين ببث البيانات المشتركة التي توضح الواضحات في طبيعة الشراكة والتوجه الذي يحكم التحامهما ، بل اهتمت العلاقة الآخذة في التطور ، أن يكون الرد عملياً شديد الوضوح عبر مباشرة الملفات الطارئة وعلاجها بموقف مشترك يجمع البلدين على همّ واحد.

يتجاوز هذا التصرف الانحباس في مجرد ردة الفعل تجاه الحملات المغرضة التي تشوش على العلاقة ، وتقديم إجابة عملية تنفي كل الوساوس والدسائس التي يروج لها خصوم البلدين ، وتقتات عليها الشائعات ، التي تستثمر في صمت باعثه الثقة التي لا تبطلها الشكوك المفتعلة ، وتقضي عليها المواقف الصادقة والجادة التي تحتمها الملفات المختلفة.
يراد لهذه العلاقة أن تنمو عبر الواجبات المتحتم مباشرتها في طول المنطقة وعرضها ، على مثال التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن ، الذي وطّد العلاقة ورسخها عبر الدماء التي سالت وخضبت أرض اليمن السعيد من كلا البلدين في سبيل استعادة كرامته ورد الحق لأهله ونفي الباطل عنه.

الأمر الذي أكّده ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، خلال افتتاحه حديقة شهداء حرس الرئاسة، بأن دولة الإمارات تقف بقوة مع المملكة العربية السعودية في خندق واحد.
وقال : «الإمارات والسعودية شراكة الخندق الواحد في مواجهة التحديات المحيطة.. والهدف الذي يجمعنا أمن السعودية والإمارات واستقرار المنطقة، يجمعنا مصيرنا ومستقبلنا».

مفردة السلام هي التي تحدد حجم المسؤولية التي تجمع البلدين على قلب واحد، لأن مشروع صيانة السلام في المنطقة وإرساء دعائم الاستقرار، معركة طويلة الأجل ، وأي حالة ارتخاء قد تصيب من يخوضها تكلفه المزيد من العناء والمشقة في وجه رعاة التطرف ومقوضي أسباب التنمية والتقدم، ويقحم المنطقة في متتالية جديدة من الانهيار والتفكك والفوضى.
ولأن شراكة السلام التي تجمع الرياض وأبوظبي، تقوض رهان خصوم هذه السياسة الحكيمة، يشنون بلا هوادة حملات التحريض والتثبيط المؤثثة بالتلفيقات والحبكات الارتجالية للفتّ في عضد العلاقة والتأثير على مسيرها المبارك.

تقول الرياض وأبوظبي مجدداً وعبر ملف اليمن هذه المرة: هيهات لهذا أن ينجح.