تنقسم المذاهب الأخلاقية إلى قسمين أحدهما يقوم على أساس واجب مفروض عليه قوانين مثبتة في الدساتير القانونية في الدول المختلفة. قد تجدها في بلد ما جائز فعلها على خلاف ذلك في بلد آخر. خذ مثلاً، في الارجواي وكوريا الشمالية يتم إباحة كل ما يتعلق بالحشيش بيعا وزراعة وفي هولندا يباع الحشيش ولا يجرم الا في الأماكن الغير مخصصة للتدخين على خلاف ذلك كله في البلدان العربية والإسلامية كل المخدرات ممنوعة ويجرم ويعدم من يهربه وتوجد احكام خاصة لمروجه. وهناك أمثلة كثير لا يسع المجال لذكرها هنا. أما النوع الثاني فهو يقوم على أساس الواجب النابع من الذات حتى وان لم تكن هناك عواقب مسلطة على من لا يقوم بذلك الفعل الأخلاقي، يقول كانط: "إنه توجد أشياء كثيرة يعد فعلها عملاً خلقيا جيداً وإن لم يكن تسميتها بدقة واجبات. ومن ذلك مساعدة الناس في أوقات الشدة فهذا ليس واجبا مفروضا ولكنه عمل جدير بالتقدير".

وتعتبر الأفعال صائبة عندما تحقق سعادة لصاحبها أما إذا كان أثرها معاكسا لذلك فإنها تعتبر خاطئة. كما أن هناك فعلا سيئا في ذاته كالكذب أو الأعمال الإرهابية التي تضر بالأخرين وتسرق خيراتهم سواء كانت تلك الأفعال قائمة على أساس العواقب أو نابعة من الذات.

قد تزيد المصلحة من تلك الأفعال الخاطئة وقد ترفع من قدر صاحبها، لكن وجود هذه الأفعال والممارسات منتشرة في المحيط الذي نعيش فيه. مثال على ذلك ممارسة الكذب أو النصب على الاخرين قد يقيدنا في أوقات معينة لكن لو سادت تلك الممارسة في البيئة المحيطة بنا نتيجة تقليدها من أبناء محيطنا سوف تنعدم الثقة بين الناس، كذلك لو تركنا مساعدة الاخرين في أوقات الشدة قد يأتي يوم نحتاج فيه لمساعدة الاخرين لكن نتيجة إشاعتها بين الناس قد نفقدها من غيرنا.

من المفترض أن جل الاخلاقيات تكون نابعة من الذات خصوصا المتربطة بمصالح الناس حتى وأن لم يشرع لها قانون يجرمها، فمن الطبيعي التحريض على الكراهية امر غير محمود فلا تشريع له في كل الديانات السماوية وهو في حد ذاته فعل مبطل، وكذلك المخدرات التي تجلب الضرر لمستخدمها، فلا حاجة لتشريع قانون يجرم من يقوم بعملها.

حاجتنا في وقتنا الرهن تكمن في سن القوانين التي ترسم طرقا لممارسة الاخلاق الذاتية، بدءاً من المنزل والمدرسة لكي يتربى جيل جديد مبتعدا عن كثير من الاخلاقيات المضرة بالمجتمعات الإنسانية لكي ننعم بالخير.