أحب السينما,&وأتوق لمشاهدة أفلام هادفة من المنطقة العربية. خاصة بعد الهبوط السينمائي الكبير&الذي لازم السينما العربية بعد ما سُمي بالصحوة&الدينية ..وأؤمن بدور السينما ومسؤولية صُناعها&في التغيير المجتمعي الذي تحتاجه&المجتمعات العربية&الآن.. مسؤوليتهم في فضح الإلتباس الأخلاقي الحاصل .. فضح &خُطاب&أئمة بعض&الجوامع ونفاقهم ..فتح الإنغلاق العقلي الذي تسببوا فيه .والإنعتاق من سيطرتهم المجتمعية &وتأويلاتهم التي تتنافى مع &المقاصد الإلهية..&ومن خلال السينما&بدأ&زرع&&قيم الحرية.. والعدالة&والمساواة&لتجهيز الأرض للمحبة والتغيير الذي يستند إلى القانون&حتى لا تضيع سنوات جديدة من عمر أجيال &تتوق للتغيير&والتواصل مع العالم من حولها..&

حنيني للعالم العربي &يدفعني&كثيرا&للحاق بما يحدث فيه.. ولهذا تابعت&مهرجان لندن للأفلام &وبالتحديد &الأفلام العربية.&على مدى أسبوع&جعلت أولى أولوياتي &الركض من سينما إلى أخرى لمشاهدة الأفلام العربية المُرشحة لجوائز عالمية&ثلاثة أفلام لفتت إنتباهي بدرجات مختلفة ومن زوايا مختلفة .. سأكتب عن أولى هذه الأفلام.&والذي أتمنى من كل قلبي &أن يحصل على&جائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية &السينمائي الدولي القادم&وكل المهرجانات الأخرى&..&حتى وإن لم يكن كاملآ&من&كل زوايا&الصنع&التي يتطرق إليها النقاد&لأن&قوته تكمن في &بساطة &طرحه&وديبلوماسة هذا الطرح.. برغم ثقل القضايا التي يناقشها&&حتى لا يُقابل بالرفض&؟؟&

أتمنى من&المُحكّمين&النظر إليه من&زوايا &أخلاقية &تُسهم في&تشجيع المجتمع. ودعم المرأة في كفاحها &للتغيير..&لأنه يحمل رسالة أمل&وبارقة &للتغيير في أرض كنت أعتقد بأنها الأرض الآسنة التي لا أمل فيها.. ولكني أعترف بأن هذاالفيلم مُترافقا مع التغييرات التي أقرؤ وأسمع بها.. أكد لي &بأننا &بدأنا طريق المستقبل ..ومن يدري .. قد تكون السعودية &حاملة أمل التغيير...&في ما&تواجهه المرأة العربية من &دونية &وتمييز مجتمعي وقانوني على جميع الأصعدة .. خاصة تلك &التي تولد في الطبقات&المتوسطة &والفقيرة في هذه المجتمعات.

هي طبيبة شابة&من أسرة متوسطة الحال.. معروفة بحبها للفن.&تصارع لأن تُعامل وفقا لمقدرتها الطبية&بين العاملين معها ومرضاها.&يتملكها الشعور في الإحباط&.. الأول&من&مُعاناة مرضى الحالات العاجلة القادمين للمستشفى لعدم تمهيد الطريق المؤدي للمركز الطبي الذي تعمل به.&والثاني من&البيروقراطية&التي&واجهتها&في محاولتها التحدث وإقناع&المسؤولين&بضرورة تعبيد الطريق.. والثالث&في منعها من السفر للمشاركة في مؤتمر طبي &لإنتهاء تاريخ صلاحية إذن ولي الأمر&وغيابه في مهمة قد تفتح الطريق&للإعتراف بموهبته الفنية&..&ولكن الثالث والأهم&العقبات التي تواجهها حين تُرشّح نفسها لمنصب محلي بسبب التمييز على أساس الجنس..&

الفيلم&تطرق لعدة مسويات من الصراع المجتمعي الدائر.&

المستوى المجتمعي.&الرجل&الذي يرفض&حتى العلاج بيد إمرأة.. تحت مقولة لن يفلح قوم ولوا عليهم إمرأة ..فما بالك بتوليها لمنصب حكومي؟&

مُعاناة المرأة &في قوانين&ربطت بين توقها&للحرية والإنعتاق من سيطرة ولي الأمر حتى المنفتح, وبين قوانين حكومية تُصر على سلبها هذه الحرية .. في قوانين الولاية والحرمان من السفر إلا بإذن ولي الأمر .. ( تغير الأمر الآن ).

معاناة جيل جديد من الشباب&ومحاولة مساعدة &بعضهما البعض &لكسر الإحتكار الذكوري&التقليدي&في&ذهنية&هذا المجتمع .. في موضوع ترشحها&لمنصب حكومي يواجه بالرفض التام &من&الجيل القديم&.

في إستكانة المرأة وخضوعها لسلطة ولي الأمر&حتى في ممارسة حق من حقوقها السياسية التي قد تسهم في دعمها.. إنصياعا طوعيا.. أو خوفا من المجتمع وتقاليدة ..&

أحلى ما في الفيلم إضافة لعذوبة صوت&الطبيبة الشابه&.. هو تحقيقها للهدف الأول من حملتها . حين لبت السلطات&طلبها&بعد ما &كانت تتحايل على تاجيلة في السابق&في تعبيد الطريق المؤدية للمركز الطبي , &الذي كان الحافز&الأول&لدخولها سباق الإنتخابات المحلية.&

الثاني.. إنتخابها من الرجل الكبير في السن &والذي رفض معالجتها&له&في السابق&وإستهان بمقدرتها&ومهنيتها &فقط لأنها&إمرأة.&ولكنه أيقن من خلال علاجها له &بأنها قديرة وقادرة.. مما يعكس الأمل وبداية الطريق السليم في التغيير.

بالنسبة لمخرجة الفيلم... هيفاء المنصور&

الفيلم يعكس الهواجس التي تحملها في قلبها وضميرها المخرجة السعودية في إيجاد مساحة أكبر لتطلعات المراة السعودية.. وحقها في المساواة .ويعكس صورة حقيقية عن المرأة السعودية الملتزمة دينيا وخلقيا. وتطمح &لتقديم الجديد من الخدمات لمصلحة المجتمع ..&

نجحت المخرجة في إظهار فشل الناخبين في رؤية إستحقاقها للإنتخاب خاصة أنه لم يكن طمعا في منصب وإنما&حرصا على مصلحة مُجتمعية تخدم &الجميع.

نجحت حين&بينت الصورة الحقيقية للمجتمع السعودي الذي إرتبط بأذهان العديد على أنه مجتمع&مُترف غني لا يحسب حسابا لدخلة المادي لأنه ينهمر من السماء. بينت بأنه مجتمع عادي قد يدخل أفرادة في مشكلات مادية &وهي صورة الدكتورة ذات الدخل المعقول ولكنها&تطلب من أختها&إقراضها مبلغ معين وقبول الأخت ولكن بفائدة ترتبط بالمدة.. تماما كما تعمل البنوك حتى الإسلامية منها.&

المُخرجة السعودية هيفاء المنصور. لك مني كل تحية وإحترام لكفاحك الديبلوماسي الهادف للإقناع وليس التحدي أو الثوري..&للإشكالية التي يواجهها المجتمع السعودي&المحافظ.. وأؤكد لك بأنها نفس المشاكل التي تواجهها المرأة في&المجتمعات العربية الأخرى&وإن تفاوت المظهر الخارجي لهذه المرأة من دولة لأخرى .. &الطريق أمامك مفتوحا خاصة مع تفهم الحكومة السعودية الذي ظهر مؤخرا في تغيير&القوانين&مما&سيسهم في &الإرخاء &التدريجي للكثير من القيود&..

رسالتي إلى المحكمين.. أن إحراز الفيلم للجائزة سيُمهد الطريق لمشاهدته في كل الدول العربية.وأن هذه الجائزة ستكون رمزا لتشجيع جيل الشباب&على &مواجهة &المشاكل المجتمعية&المتعلقة بالتقاليد&والتاويلات الدينية&التي تقف حائلا بين&فهمة للقيم الغربية &المُؤسسة للديمقراطية. و أن هذه القيم هي لبنة الأساس للديمقراطية الحقة والتطور المجتمعي والمستقبل الذي نتشارك فيه جميعا.