يمثل تعيين الأمير السفير فيصل الفرحان آل سعود وزيراً الخارجية السعودية "ضربة معلٌم": وزير خارجية يعرف ألمانيا جيداً وانغلوسكسوني تمتد علاقاته عبر الأطلنطي إلى بريطانيا وايرلندا وتعبر إلى الولايات المتحدة هذا الرجل يمثل حالة منعشة تخلق دينامية تحتاج لها السعودية في هذه المرحلة كما تحتاج إلى الأداء خارج أسوار البيروقراطية الحكومية الغارقة بالتفاصيل والمحسوبيات. قد يبدو واضحاً ان ملف التعامل مع الاتحاد الأوروبي يمثل تحدياً كبيراً لأجهزة الإدارة الخارجية السعودية وذلك، وكما هو الحال دول اخرى، ان السلوك المؤسساتي لدى الاجهزه لم يصل الى مرحلة متقدمة من النضج لمواكبة الحيوية المعقدة التي تطبع عمل الاجهزة الرسمية الاوروبية والمرتبطة بمؤشرات انتاجيه تنسجم مع السياسات المتفق عليها.&

ورغم ما تردده شخصيات سعودية بارزة بأن الشأن الدولي يخضع فقط لرغبة سيًد البيت الأبيض الا ان ألقراءة الواقعية تطرح أمامنا جميعاً أهمية نفوذ الاتحاد الأوروبي كأكبر سوق في العالم وكأهم اتحاد متعدد الأطراف يستطيع، بعد أن يتغلب على تناقضاته، ان يتحدث بصوت وآحد ومؤثر. وتجدر الإشارة إلى ان التفاوض مع شريك وآحد يمثّل حالةً استثنائية ومريحة بعض الشئ ذلك لأنك تحتاج إلى مهارات آحادية قادرة على ومتمكنة من المناورة في حيّزٍ كبير ولكن عندما يتحتم عليك التفاوض مع عدة أطراف فمن الضرورة ان يكون لديك المقدرة على حشد طاقات متعددة المواهب والمهارات. لم تعد العلاقات اليوم فيما يتعلق بالعربية السعودية مرتبطة بالتاج البريطاني والإدارة السياسية في الولايات المتحدة الأمريكية بل تعدت ذلك إلى التفاعل مع القوى الجديدة على المسرح الدولي بحجمها الاقتصادي والديموغرافي. قد يكون من الأولويات للسعودية كدولة محورية في العالم ان تبني حضوراً دبلوماسياً مكثفاً يغطي اللاعبين الأربعة الكبار وهم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا. هناك ضرورة للبحث عن خبراء وتأهيل جيل جديد من الدبلوماسيين وبناء مراكز بحوث ودراسات استراتيجية ومنظمات المجتمع المدني في المناطق المؤثرة في وأوروبا وأمريكا.

عند الحديث عن فلسفة العلاقات الخارجية السعودية التي أرسى مداميكها المؤسس عبدالعزيز آل سعود والتي كانت من الحصافة والحكمة ان ارتأت الاستعانة بعقول عربية فذًه كانت تؤمن بالإنجاز السعودي وتنبأت بالدور الهام الذي تلعبه المملكة كدولة سلام واستقرار في عالم خرج للتو من حربين عالميتين طاحنتين، فلابد أن ندلف إلى الشأن الجيوسياسي الراهن والذي يعج بالملفات الحساسة والتي تحتاج إلى سياسيين ودبلوماسيبن يتمتعون بالخبرة والقدرة على قراءة الأحداث قراءةً واضحة،