النفاق في اللغة هو:&"إظهار الإنسان غير ما يبطن، وأصل الكلمة من النفق الذي تحفره بعض الحيوانات كالأرانب وتجعل له فتحتين أو أكثر، فإذا هاجمها عدو ليفترسها خرجت من الجهة الأخرى، وسمي المنافق&به لأنه يجعل لنفسه وجهين يظهر أحدهما حسب الموقف الذي&يواجهه.

ظاهرة النفاق نشأت وانتشرت على مدى التاريخ العربي،&ويقال ان&الحكاية&بدأت&عندما كان الشعراء يقفون عند باب السلطان وهم يكيلون له المديح بالقنطار ويصفونه بصفات الإطراء والثناء. ومعروفة هي ظاهرة شعر المديح والإطراء من جهة،&وشعر القدح والهجاء من جهة اخرى والتي تخصص لخصوم السلطان.

عالم الاجتماع العراقي الدكتور&"علي الوردي"&كتب عام&1951مبحثا عمليا موسعا حول ظاهرة النفاق في المجتمع العراقي بصورة خاصة حيث شرح عبر عشرات الدلائل ان مرض النفاق يتسبب بالكثير من الاعراض والمشكلات الاجتماعية واطلق عليه "ازدواج الشخصية".

النفاق يؤدي إلى إحداثِ خلل فادحٍ في النظام الاجتماعي&والأخلاقي&السليم،&بحيث يتم تغييب القوانين وقواعد التعامل بين أفراد المجتمع،&فتُغيب سلطة القانون ويتم استبدالها بسلطة النفاق.&وبهذا نكون قد&قضينا&على أهم عنصر من عناصر بناء مجتمع يساوي بين أفراده،&وتسوده العدالة&السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تمثل مصدر القوة للحاكم والمحكوم.&&

ومن صفات&المنافق&انه&لا يثبت على مبدأ بل يدور حيثما رأى مصلحته العاجلة&والآجلة،&فنشاهد أحيانا بعض الأشخاص الذين يعيشون حالة من الاغتراب وازدواجية في القول والفعل،فتجدهم في الكلام يخوضون في المثاليات والحكم والمواعظ،وتجدهم على أرض الواقع يحطمون ويدمرون كل ما ورد على&ألسنتهم في&لحظات إذا ما&اكتشفوا ان ما&قالوه يتعارض مع مصالحهم،&وهذا شكل أساسي من اشكال النفاق.&&

هذه الظاهرة&-&للأسف الشديد&-&مع انتشارها تؤدي الى ضياع القيم والأخلاق والحقوق، وتشتت المجتمع وتدمر العلاقات&الإنسانية&والاجتماعية،&وتخلق نوعا من عدم الثقة بين الناس، حيث يسود&الجبن والخوف والضعف&والاستكانة.&كما ان غياب بعض القيم كالصدق والأمانة واحترام الذات وعزة النفس تؤثر سلبا على سلوك الأجيال الشابة لأنهم لم يجدوها ولم يشعروا بها فيمن سبقوهم.&

ولا ننسى اثرها السيئ على نفسية&الشخص الذي يتم نفاقه وتمجيده، فكما قال&الحسن البصري:&"تولى الحجاج&بن يوسف الثقفي على&العراق وهو عاقل كيس، فما زال الناس يمدحونه حتى اصبح احمقا طائشا سفيها".&كما&أوصل&المنافقين&أناسا وزعماء من كثرة النفاق والتملق والتمجيد الى مرتبة النبوة ومرحلة الألوهية، وما ادل على ذلك&ما&قاله احد المنافقين لمعز&الدين الفاطمي: ما شئت لا ما شاءت الأقدار&–&فاحكم فأنت الواحد القهار.&&

لقد تطور النفاق واتسع&في الوطن العربي&ليشمل أصحاب&العلم والفكر والثقافة والقلم&وبعض رجال الدين،&فنجد أولئك الذين يكتبون&ويمدحون ويشيدون بشخصيات وحكومات معينة أو بأطراف غير محددة،&ظنا منهم أن ما يذكرونه سيقودهم إلى السمو&والارتقاء&والرضى&من الأطراف التي يمدحونها،&مع&ان الحقيقة&أن معظم ما يكتبونه بعيد كل البعد عن إيمانهم واعتقادهم وهذا شكل آخر للنفاق.

قيل في المنافقين:

•&اربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا أؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد عذر، وإذا خاصم فجر.

•&إياك والنفاق فإن ذا الوجهين لا يكون وجيها عند اللّه​.

•&النفاق أخو الشرك&وتوأم الكفر.

•&ما أقبح بالإنسان ظاهرا موافقا و باطنا منافقا.

•&المنافق لنفسه مداهن، وعلى الناس طاعن.

•&أظهر الناس نفاقا من أمر بالطاعة و لم يعمل بها، ونهى عن المعصية ولم ينته عنها.

•&مأساتنا انه لا يعلو صوت فوق صوت النفاق.