رأى الارهابي&حسن نصرالله، صاحب حزب الله الإيراني في لبنان&أن الفرس بباسيجهم اجتاحوا الناس في إيران، فقتلوا وجرحوا واعتقلوا، فما كان منه إلا أن "استفرس" في بيروت ليلًا، ودلّ أسراب غربانه السود إلى حيث تجمع الثوار اللبنانيين&الذي عادوا إلى قطع الطرقات، لتزحيم العمل الثوري الذي بلغ أربعينه وما زالت السلطة اللبنانية في سباتها الدستوري.

اجتاحت هذه الأسراب كما الجراد، على مرأى الجيش اللبناني وما لفّ لفّه من قوى أمنية عاجزة أمام إرهاب "المقاومة"، المحتجين العزل المنادين بحكومة مستقلة عن الأحزاب، قادرة على إصلاح الوضع الاقتصادي – الاجتماعي المنهار جدًا.

كانت الحجة، الواهية كما في كل مرة، أن أحد الثوار أساء الى حسن نصرالله، فيما أكد الثوار أن من شتم هذا الإرهابي واحد من أفراد حزب الله نفسه مدسوسًا لافتعال هذه المشكلة... لا أكثر ولا أقل.

توجهت مجموعات غوغائية تابعة للثنائي الشيعي الذي يشكل قوى أمر واقع في لبنان (حركة أمل التي يتزعمها نبيه بري، الميليشياوي بامتياز والمتحصن برئاسة البرلمان منذ نحو ثلاثة عقود، وحزب الله الذي خنق اللبنانيين بحجج المقاومة وبيئة المقاومة التي ضاق حتى الشيعة أنفسهم قبل غيرهم ذرعًا بها) بالمئات إلى وسط بيروت لتضرب الثوار، وتكسر خيمهم مرة ثالثة في ساحتي الاعتصام برياض الصلح وساحة الشهداء.

لماذا هذه المرة؟ أراد بري الانتقام من الثورة والثوار لأنهم منعوه من تحقيق حلمه وحلم الطبقة السياسية التي نهبت المال العام في لبنان، بعقد جلسة نيابية يقر فيها قانون العفو العام عن جرائم كثيرة، منها الجرائم المالية، ما يمنح هذه الطبقة حصانة من أي محاكمات مستقبلية، خصوصًا أن هذه الطبقة فوجئت بأن الثورة هذه المرة موحدة عابرة للطوائف عاقدة العزم على محاكمة من سرق مال الشعب اللبناني.

عدّ بري منعه من عقد الجلسة مرتين متتاليتين صفعةً موجهة إليه مباشرة من الثورة، فزاد إمعانًا في شيطنتها والقول إن سياسيين غرروا بالثوار ودفعوهم إلى ما فعلوه، ودفع بمسلحيه إلى مهاجمة العزل في وسط بيروت.

كذلك، أراد نصرالله الانتقام من الثورة والثوار لأسباب عدة، في مقدمها أنهم – مع رفاقهم الثوار العراقيين - يهددون فعليًا المشروع الإيراني برمته في المنطقة، المشروع الذي يرفع لواءه نصرالله على حساب لبنان واللبنانيين، خصوصًا بعدما وصلت &عدوى الاحتجاج إلى طهران نفسها، عاصمة التخريب السياسي والأمني في الشرق الأوسط. إلى ذلك، رأى نصرالله هزال التظاهرة التي دعا إليها "ناشطون" محسوبون عليه أمام السفارة الأميركية في لبنان، تنديدًا بتصريحات أدلى فيها الدبلوماسي الأميركي جيفري فيلتمان، فأراد الانتقام ممن لم يسر وراء شعاراته، حتى من شيعته أنفسهم، خصوصًا أن الثورة ما رفعت يومًا شعارًا سياسيًا، ولا تناولت سياسة حزب الله الفاسدة، ولا قياداته المتورطة في صفقات مخدرات وتبييض أموال مكشوفة، ابتعادًا من تسيس لا يريده أحد إلا حسن نصرالله وتوابعه في السلطة، من بري إلى ميشال عون، رئيس لبنان الموالي لما يسمى محور المقاومة، ووزير خارجية لبنان جبران باسيل الذي لا يرى نفورًا أيديولوجيًا بين بلاده وإسرائيل!

حسنًا.. هاج غربان القمصان السود وماجوا. ضربوا الناس، وخلعوا الخيام، وكسروا المحال التجارية، وأحرقوا السيارات، لكن لا حسن نصرالله (هتف الثوار ليلًا "إرهابي.. إرهابي.. نصر الله إرهابي" لأول مرة) ولا نبيه بري (يهتف الثوار "حرامي.. حرامي.. نبيه بري حرامي" في كل مرة) ولا من يتبعهم في غيهم الفارسي، يمكنهم كسر إرادة شعب تصر على تحدي كل هذه الصعاب لتصل إلى حقوق بديهية لمواطن لبنان حرموه منها، مرة بحجة الحرب الأهلية، ومرة بحجة المقامة. فقد انتهى زمن الطائفية والتلاعب بعواف العامة، وولى زمن الخضوع للزعيم والحزب والطائفة، وعصر الخوف من سلاح حزب الله الذي يخيف به اللبنانيين في كل مرة يشعر بأن الأمور لا تسير في صلاحيته، وقام اللبنانيون لينتزعوا حقوقهم بأظافرهم وأسنانهم، ولن يعودوا إلى بيوتهم حتى يحققوا غاياتهم، شاء نصرالله أم أبى.

وكما صاح أحد الثوار أمس: "هاجمنا تتار حزب اللات... والعزة للثورة".