يتساءل كثيرون وأين الجاليات&العربية&في الخارج مما يحدث في&أوطان العرب؟، وهل تم تحييدهم وتجنيبهم&لعب&أي أدور سياسيةعن عمد ؟&أم أن الأوطان الجديدة شغلتهم بالبحث عن لقمة العيش لهم ولأولادهم؟.

لا شك أن&كلا الأمرين أبعدا الجاليات العربية عن المشاركة الفعالة في تحرير الأوطان مع شدة وطأة الأنظمة الحاكمة في التعامل مع شعوبها المنتفضة،&في العراق يموت العشرات يوميا، وفي لبنان يخرج سعد الحريري من الباب ليعود من الشباك، وفي مصرتم&تفريغ الحياة السياسة المصرية في الداخل من أي نشاط&سياسي&.

الجاليات&العربية&في أوربا اغلبها هرب من بلاده إما بسبب الحروب أو الإضطهاد لايملكون شيئا ولا يلون علي شئ، إنهم&أناس عصاميون بنوا أنفسهم بأنفسهم،&ووصلوا إلى النجاح &والاستقرار،&دون أن تكون الدولة طرفا مباشرا في& في نجاحاتهم، فقد اعتمدوا علي ذكاءهم وقدرتهم الكبيرة على&تحديات الصعاب في مجتمعات لاتعرف إلا القوي حتي اصبحوا مواطنون&أوروبيين يحملون جنسيات تلك البلاد دون أن يتخلوا عن&موروثهم الديني والحضاري&.&

لم&تعول النظم العربية في أي وقت على تلك الجاليات،&ولم تحاول اتخاذها&كظهير أو&"لوبي"&يقف في ظهر الدولة&وقت&التحديات التي تواجهها،&&إنما بات كل&تفعله هو حث تلك الجاليات على&أن تظهر بصورة المؤيد للنظام الحاكم&بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى،فحرصت&على&الاتصال بالبعض منهم لاستخدامهم كأبواق دعائية،تتجلى فقط أثناء زيارة&رؤساء الجمهوريات&إلى الدول الأوربية،وحددوا&دورهم في القيام بأعمال الزفة الشعبية،&والترحيب&بالزعيم الزائر،&والهتاف باسمه دون أي مشاركة في حوار جاد&عن افضل الطرق التي يتعاون فيها المهاجرين مع&دولهم&من&أجل صالح&بلدهمومستقبل أولادهم فيها .&

قمة مشاهد البؤس السياسي هي تلك التي يظهر فيها مهاجر قضي سنوات عمره في بلد غريب يعمل ويكد ويعيش&منعما في&ظل&نظام ديمقراطي&غربي&يساوى&فيه قامته بقامة رئيس الدولة..&&أن يجد نفسهفجأة&&يحمل بلاليين حمراء أو صفراء،&ويقف كالبلياتشو في&الشارع &أمام فندق إقامة الرئيس&العربي الزائر،&يهتف في ركاكة وسذاجة باسمه.&

المؤسف أن&الدول بدل أن تنظر إلى الاستفادة &من علم &أبناءها أو &خبرتهم&في الخارج وتستغل ذلك في بناء الوطن،&أو&حتى&مد الجسور مع أبناءهم الذين اصبحوا مواطنين&أوربيين بحكم الولادة،والدراسة،&&وتجتمع معهم في&إطار محترم،&راحت&تتجسس عليهم وترصد تحركاتهم السياسية بهدف إبعادهم عن المشاركة في أي نشاطات سياسية داخل الوطن،&في حين أن جاليات الدول الأخرى في أوربا،&وحتي الأفريقية منها لا تفعل الشئ نفسه بل تعزز الاتصال بأبناءها في إطار محترم يستفيد منع الجميع.

مصر على&سبيل المثال لو استثمرت في الجاليات الخارجية &في أوربا&لكانت&النتائج المنتظرة مبهرة ، على الأقل&ستجد لها ظهيرا قويا مؤيدا لقضاياها السياسية،&وأهمها في الوقت الحالي&على سبيل المثال&سد النهضة ومشكلة المياه في مصر،&ذلك أن الوصول إلى الإعلام الغربي لن يتحقق إلا بوجود&"لوبي" وطنى من أبناء مصر&في تلك البلاد،&فقد فشلت السفارات مرار وتكرار في نقل القضايا الداخلية إلى الخارج،&واقتصر دورها دوما على&أعمال السجل المدني من استخراج شهادات الميلاد والوفاة.

إن الذي يعيش في أوربا ويطلع علي النظام الديمقراطي فيها،&يعرف أن&أهم شئ في تلك الأنظمة هو تحرير المواطن الأوربي من الإذعان والانبطاح&والانحطاط كعبد يعمل في خدمة&الديكتاتوريات القبيحة.&

بعد ثورة&تونس ومصر 2011&حدثت نقلة كبيرة في تحرير&الجاليات،&وبدا&المصريون&في الخارج وكأنهم يستعيدون وعيهم فنفضوا&غبار التجاهل والإهمال&عن كاهلهم،&وراحوا ينظمون&أنفسهم&من جديد وفي حماس منقطع النظير،&وبدأوا المطالبة بلعب أدوار أكثر إيجابية&في&المشاركة&في&قضايا الوطن ومحاولة&النهوض&به، وهنا في&ألمانيا شاهدت كيف كانوا يبحثون عن طرق مساعدة الدولة بعد ثورة يناير، بل إن بعضهم راح يرتب أوضاعة ليعيش بقية حياته في&أرض الوطن، ولأول مرة شعرنا بأن الجاليات المصرية لها&دور مؤثر في الاقتصاد المصري إذ&انهالت التحويلات علي مصر حتى أنها وصلت إلى أكثر&من 24 مليار دولار سنويا، وهي تأتي&في&المرتبة الثانية&الأن&بعد قناة السويس في إدخال العملة الصعبة إلى مصر.

في ظل ما يحدث الآن في العالم العربي من ثوارت خمدت وثورات مازالت تتأجج،&فإن مواطني الخارج&هم كمواطني الداخل&يحملون نفس&المشاعر،&فالجميع يأملون في إصلاحات سياسية سريعة، يستطيعون فيها التحرر من الخوف وممارسة حقوقهم في التعبير عن أراءهم، &بغض النظر عن المؤيد منهم أو المعارض.