من المؤكد&ان&أولى الخطوات السليمة&الراكزة&لبناء جيل جديد في مراحل التعليم المبكّر&هو&ان&يتساوى كل الطلبة في تعليمهم&الأساسيدون&اية&اعتبارات أو امتيازات&بين طالب وآخر&مهما كان نوعها ؛&فترى ابن العامل&البسيط&يجاور ابن الوزير وابن مهندس النظافة&"&الذي نسميه نحن&"&زبّالا وكنّاسا&"&تحقيراً له مع شديد الأسف ونلحظهم&يجلسون&في مقعد مشترك وبِـمنضدة واحدة مع ابن&الأكاديميالجامعي&او&الطبيب&او&السياسي العريق طالما صرنا سواء في دولة المواطنة والمدنية التي ترفض الاعتبارات الدينية والعرقية من ناحية اللون والجنس&وتجعل الناس سواسية مثل أسنان المشط كما تقول مأثوراتنا النبوية .

ففي&الأنظمة&المتقدمة الراقية ؛&يُلحق&هؤلاء&الطلبة&كلهم&بمختلف أعراقهم ومنبتهم ومحتدهم الأصلي الذي جاءوا منه &ويتعلمون في مدارس ذات نظام واحد في نهجها&ومناهجها&فلا توجد مدارس خاصة للنخبة في التعليم&الأساسي&المبكّـر الذي يتراوح أمده&الأربع&سنوات&في معظم دول العالم المتمدن&.

بعد ذلك يتم تقسيم الطلبة وفقا لنسبة ذكائهم بدءا من مجتهدين جدا&(&متوقدو الذهن )&ثم&الأقل&اجتهادا&(&الأذكياء&) ثم المتوسطي النباهة&وأخيراً&الضعفاء&.

وتبعا لهذا الفرز يتم إرسال&متوقدي الذهن&والأذكياء&إلى&مرحلة التعليم الثانوي&.

متوسطو&النباهة يودعون في&المدارس المهنية ( صناعة وزراعة وتجارة&كهرباء وتعليم حرفي&... الخ&)

اما&الضعفاء&الواهنون دراسياً&فيتم انضمامهم&الى&مدارس خاصة لزيادة وعيهم ورفع مستوى قدراتهم العقلية&، فلا احد من الطلبة مهما كان مستواه&يمكنه&ان&يتسرب من الدراسة&؛&اذ&يعتبر ترك التعليم من المحرّمات&الكبرى&، لكن يحق للطالب الذي أبدى نشاطا ملموسا في حقل تعليمي ما&؛ يمكنه&أن&ينتقل&الى&حقلٍ معرفي&او&مهنيّ آخرلزيادة&مهارته وتحسين مستواه ،&اما&من أبدى تراخيا وضعفا سيتم نقله&الى&مستوى أقل مما كان عليه ولو كان مجتهدا في السابق&،&فالأهم&الأهمّ&الاّ&ينقطع الطالب عن المدرسة ولا يتسرب منها&إطلاقا&؛&اذ&ان&أمد الدراسة الإلزامي يكون تسع سنوات&بعد انتهاء التعليم الابتدائي البالغ أربع سنوات&غير قابلة للنقص مهما كانت الظروف من اجل وضع قاعدة تعليمية ومهنية ترسخ في ذهنه وتكون مرتكزا لحياته المقبلة&.

وفي حالة غياب الطالب خلال هذه السنوات التسع&الإلزامية&تقوم الجهات التعليمية بالاستفسار عن سبب الانقطاع&وتُسائل&وليّ أمره حتى لو كانت فترة الانقطاع يوما&او&ساعات معدودة&، والويل الويل للطالب الذي يترك الدراسة عامدا خلال الفترة&الإلزامية حيث يتمّ جلبه وإحضاره من قبل الشرطة واستدعاء علماء النفس والاجتماع لمعالجة سبب التسرب الدراسي فإن كان السبب من جرّاء&الأسرة&فيتمّ وضع الحلول اللازمة ومعالجة&الأمر وإعادة الطالب&الى&مقاعد الدراسة&وهذا ما لمسناه طيلة فترة تواجدنا هناك سنوات الاغتراب&حينما زججنا أولادنا في مدارس التعليم الأساسي&.

وان تعذر الحل وتزمّـتَـت&الأسرة في ترك ابنها&سائباً&دون&ان&تعبأ&بهسواء&واصل دراسته&ام&&لا أو كونها هي السبب في نزوع الطالب للإفلات من المدرسة فيؤخذ الطالب من أبويه عنوةً وتطويعه على مواصلة المواظبة على التعلّم من قبل الدولة وتهيئة الظروف المناسبة له كي يواصل تعليمه&ويبقى&رهين&الدولة في أقسام داخلية توفّر له&الأجواء&المناسبة لتأهيله مستقبلا لو&تعذّر عليه&ان&يعيش ضمن أسرتهالمربكة وغير&المستقرّة&، وهنا كان لزاما على الدولة&ان&توفّر له الطعام الصحي والاستقرار النفسي والاجتماعي مع بقية أقرانه الطلبة وتهيئة فرص الترفيه وممارسة الرياضة&، وهي حقٌ من حقوقه ليكون إنسانا سويا مؤهلا للدخول&الى&الجامعات المنتشرة في كل&الأرجاء&حتى في المدن الصغيرة وبكافة التخصصات&المتاحة&.

وحالما يتخرج الطالب يزجّ في العمل الميداني&التطبيقي&فترى الطبيب الذي أكمل مراحل تعليمه يعمل في دور المُسنين&والمُقعدين&إضافة&الىعمله في&مشافي&الأمراض العقلية والنفسية&ليرى بأمّ عينه مدى احتياج العاجز والمقعد&وفاقد العقل والمصاب بلوثة نفسية&الى&الرعاية والاهتمام ليهذب أخلاقه أكثر ويتقن الحنوّ والرحمة على مرضاه ولا يأنف من تنظيف&القيوح&والأدران والفضلات التي تخرج من جسد المريض&والشيخ&الواهن بيديهِ دون&ان&يشمئزّ أو يتذمّر ويستمر بهذا العمل الميداني والتنظيف بنفسه دون مساعدة احد من كوادر التمريض والمنظفين لمدة ثلاثة شهور على&الاقلّ&.

وكذا الحال بالمهندس المتخرج توّا حيث يقحم نفسه مع العمّال في حمل&الأنقاض&وعزلها&او&رفعها&وتسوية&الأرض&أو&ايّ&شأن ميداني يتطلب&ان&يشمّر عن ساعديه ليقوم مقام العامل غير الماهر&.

ففي العالم المتمدن يقترن العلم بالعمل اليدوي وتتحدّ النظرية مع التطبيق وهذا هو&الأسلوب&السليم في خلق جيل واعٍ معطاء ليشيّد ما بدأه&الأولون&ويكمل بناء وطن معمور وناهض بناءً فوقيا وتحتيا ،&فالإنسان&هو مُرتِّبٌ&للحاضر وواضعٌ&لبنة المستقبل ولا تمايز بين فرد وآخر في العِرق&او&اللون&الاّ&فيما يقدّم ويبتكر من عطاء وإبداع وصنع جديد ومفيد وكلهم متساوون في الحقوق والواجبات وأمام القانون&فلا مدارس خاصة تختلف عن الحكومية في مراحل التعليم الأساسي الإلزامية البالغة تسع سنوات&زائدا سنوات الابتدائية الأربع&وهذا ما لمسناه عيانا طوال مكوثنا ورحلتنا&القسرية&عن بلادنا&في سنيّ التسعينات التي قضيناها هناك وتعلّم أولادنا في مدارسهم .

ليس عيبا&ان&نستهدي بتجارب الشعوب الحيّة المتقدمة وخاصة عندما يتعلّق&الأمر&بتعليم وتأهيل أولادنا&وقد آن الأوان&ان&نطلب العلم من العالم الناهض المتمدن&كما طلبها&رسولنا الكريم من الصين قبلاً ،&وخاصة&اننا&نتألم&الان&حينما نرى تدنّي نسبة النجاح عندنا في مرحلتي التعليم الابتدائي والمتوسط&بشكل مخجل حقاً&أملاً في إعداد جيل مقبل راقٍ بتعليمه نأمل فيه خيرا لبناء أوطان&مزدهرة ومواطنة صالحة ذات شأن&مستقبلاً كما كانت قبلا&ناهضة نسبياً&قبل بضعة عقود .

[email protected]