العمر الإفتراضي للإصلاح السياسي قد إنتهى " Expiration " وفق معطياته على الارض العراقية ولا مجال او مهلة او " عطوة " للحديث عن بديل يمكنه " رتق " فتق المشهد المنفتح على مختلف الإحتمالات السياسية والميدانية بعد مرور ما يقرب من ثلاثة اشهر على اندلاع التظاهرات الاحتجاجية رافقتها اعمال عنف ومئات الشهداء والاف الجرحى وعدد من المختطفين وتصفية ناشطين في بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية.

وصولنا الى نهاية الطريق حيث لم يعد بأيدي " الجماعة السياسية الحاكمة " في البلاد خيارات التعاطي مع الازمة الراهنة الا بالتسويف والمماطلة وتضييع الوقت لإنهاك المتظاهرين وفرض ما يريدون فرضه سهيلا او غيره ممن يرونه " ناقة صفراء تسر الناظرين "، تشكيلة حكومة محاصصاتية تعود بنا اميالا الى الوراء " Turn back " والمثل القائل "كأنك يا بوزيد ما غزيت" ، والذي يعني فحواه الشخص الذي يقوم بعمل ويجتهد وفي النهاية بدون فائدة ويكون ضيع وقته سدا ، ينطبق تماما على ما نذهب اليه من تحليل للوضع العراقي الراهن في حال سكوت وقبول المتظاهرين بواقع الحال والتسليم بمرشح القوى السياسية المرفوضة جماهيريا، من هنا فان رصدا دقيقا لواقع حركة 1 إكتوبر تشرين الاول 2019، لغاية الأن لم يكن الاداء السياسي فيها منسجما مع إيقاع التظاهرات ومطلبيتها المشروعة على ضوء معطيات دعاوى التغيير بدأ بمناداة مرجعية النجف وإنتهاء بمطالب الناس بمرجعية دستورية تحفظ لهم حقوقهم المشروعة بعناوينها وتوصيفاتها التشريعية لإعادة ما سلب من إرادتهم طيلة السنوات الـ16 المنصرمة دون إحداث شيء يحسب على التغيير الفعلي ليشكل " مداميك فعلية حقيقية للعراقيين بعد سنوات من التغييب والقهر وضياع الثروات في حروب لا طائل من ورائها طلبا للزعامة على العرب وشعار القائد الاوحد.

أن لم يتحقق البند المهم في الإصلاح وهو وفق مطالب المتظاهرين " مغادرة الطبقة السياسية لمفهوم المحاصصة الحزبية والجهوية سوف يظل الواقع ذاته في المراوحة والتعب وتضييع فرص الإنتاج السياسي المتقدم الى ما هو عملي للإرتقاء بحياة الوطن والمواطن الى ماهو بمستوى الطموح.

أن فشل الطبقة السياسية في تسمية رئيس للوزراء لمرحلة مؤقتة برغم انقضاء المدة الدستورية يعني تعطل تداول السلطة بين اطراف الطبقةالسياسية ذاتها وهو دليل قوي على ان النظام السياسي الراهن"تلفيقي " فقد القدرة على الاشتغال والانتاج، ومن عناصر فشله الأساسية فقدان القدرة على تفعيل وتوفير مستلزمات الانتقال السليم للسلطة والتداول السلمي لها مما يقدم احتمال وصول النظام والياتهالمتوفرة ومؤسساته القائمة الى الطريق المسدود.

الإصلاح لابد منه ويقض سلوكا متزن واداء دستوريا واضحا وصريحا ومجلسا للنواب يتخذ قراراته بإرادة وحزم وتوافق فعلي في النظر الى المصلحة العامة للبلد وإنسجام بين السلطات الثلاث عكس ما نشهده من نزاع وإختلاف سلبي على المواقع وحماية المصالح الضيقة والإحتراب الكتلوي والجهوي كل حسب مصلحته وسواتره السياسية المستعدة للحرب وتقطيع اوصال الوطن وعزله عن محيطه العربي والدولي.