"لا يفل الحديد إلاّ الحديد" والمؤكد أنه لو تم تسخير كل أعلام الكرة الأرضية ضد رجب طيب أردوغان لثنيه عن التدخل في شؤون ليبيا الداخلية، عسكرياًّ وسياسياً وأمنياً وكل شيء، فإنه لن يرتدع إلاّ إذا تم التلويح له بقبضة قوية أمام أنفه وإذا تيقن من أنّ "غزوه" لهذا البلد العربي سيكون ثمنه باهضاً وأن الأفضل له أن يكتفي من الغنيمة بالإياب ليعالج شؤونه الداخلية في بلده وحيث أن هناك معارضةتركية فعلية وضاغطة ليس من المستبعد أن تطيح به إن هو واصل السير على هذا الطريق الصعب والشديد الوعورة.

إن المعروف، وهذا لا جدال فيه إطلاقاً، أنّ أردوغان قد أقدم على هذه الخطوة الخطيرة التي لا تستهدف ليبيا وحدها بل تستهدف مصر ودولاً عربية أخرى بدعمٍ وتمويلٍ وتأييدٍ دول وقوى إقليمية منضوية كلها في إطار التنظيم العالمي للإخوان المسلمين الذين بقوا يسعون لإستعادة ما يعتبرونه مُلْكاً مضاعاً في "أرض الكنانة" كان إنتزعه منهم الشعب المصري بعد سيطرتهم عليه في لحظة تاريخية مريضة .


إنه لا جدال في أن لـ "أردوغان" أطماعاً في البحر الأبيض المتوسط إن بالنسبة للنفط والغاز وإن بالنسبة للموقع الجغرافي لكن الأساس في هذا التحالف مع فايز السراج، الذي إكتشف متأخراًّ جداًّ أنه أحد أبناء عمومته منذ قبل مائة عام وأكثر، هو التمدد "الإخواني" في إفريقيا العربية وهو وقبل هذا كله "تطويق" مصر وإنعاش "إخوانها" لإستعادة ما يعتبرونه "ملكهم" المضاع الذي كان على رأسه محمد مرسي .

والواضح هنا أنّ الرئيس التركي سيمضي بهذه الخطوة التفجيرية التي أقدم عليها بدعم وتأييد قطر "الشقيقة" وهذا واضح ومعروف ومؤكد ويتباهى به "الأشقاء" القطريون ومعهم بالطبع دولة الولي الفقيه وجميع الذين تحلقوا حول مائدة "كوالالمبور" التآمرية في التاسع عشر من "ديسمبر" الماضي ومن بين هؤلاء عدد من قادة "حماس" التي من الثابت أنها لم تعد تعتبر منظمة فلسطينية.

وحقيقة ،وهذه مسألة من المفترض أنها باتت واضحة ومعروفة، أن الشعب الليبيي ومعه جيشه الوطني بقيادة الجنرال خليفة حفتر لا يستطيع مواجهة تحدياًّ بكل هذا الحجم وبكل هذه الإمكانيات وبكل هذه الدول والتنظيمات الكونية وحده ولهذا فإن المفترض أن تبادر الدول العربية المستهدفة، البعيدة والقريبة إلى وضع إمكانياتها كلها ، حتى العسكرية منها ، إلى جانب الأشقاء الليبيين طالما أنهم باتوا يرابطون في الخنادق الأمامية دفاعاً عن هذه الأمة التي كانت قد إكتوت بجمر العثمانيين لأكثر من أربعة قرون متلاحقة وأكثر!!.