كان على الجنرال خليفه حتّر أن ينسحب من إجتماع موسكو الذي جرى ترتيبه والاتفاق عليه بين فلاديمير بوتين ورجب طيب اردوغان لتمرير مؤامرة لهذين الاثنين، الذين كانا عدوين لدودين وأصبحا حليفين متفاهمين على تقاسم شؤون هذه المنطقة التي اصبحت ليبيا إحدى ساحات الصراع فيها ولعوامل وأسباب كثيرة من بينها النفط والغاز وقبرص الجنوبية والشمالية والجزء الجنوبي - الشرقي من البحر الأبيض وإضعاف مصر والتمدد في اتجاه بعض الدول العربية – الأفريقة بدءاً "بتونس".

والمعروف أن بوتين وأردوغان كانا عدوين لدودين وانخرطا في البدايات بمواجهات عسكرية دامية كان من الممكن ان تصبح مدمرة وتستمر لفترات طويلة لو لم يتم تغليب المصالح المشتركة على الخلاف ولو لم يتفاهمان على معظم القضايا التي كانت تعتبر "منغصات" ومن بينها الاوضاع في سوريا ومشكلة الاكراد وشواطئ البحر الأبيض المتوسط الشرقية - الشمالية.. امتداداً إلى ليبيا التي ثبت أنها من أهم منابع النفط ومستودعات الغاز في هذه المنطقة كلها.

ولذلك فإنهما, أي أردوغان وبوتين, قد دخلا على الأزمة الليبية على أساس "الخصم والحكم" في الوقت نفسه واستدرجا الجنرال خليفة حتّر إلى موسكو لتمرير مؤامرة لو أنها تمت لخرج الجيش الوطني الليبي الذي هو القوة الفاعلة من هذا البلد الاستراتيجي في موقعه الجغرافي وفي ما يختزنه من نفط وغاز ولأصبحت ليبيا محمية روسية - تركية ولغدت مصر في مواجهة مع دولتين كبيرتين اتفقتا على تقاسم السيطرة, ومعها بالطبع, اسرائيل على الشرق الأوسط كله.

لقد كان من الممكن أن تكون لإيران حصة متواضعة في هذه الـ"كعكة" لو أنها لم تقع في الأخطاء القاتلة التي وقعت فيها وترتكب "الحماقات" التي ارتكبتها ويبقى السؤال الذي لابد من طرحه في هذا المجال هو: وأين هي الولايات المتحدة يا تُرى من هذا كله؟ وأيضاً أين هي الدول الأوروربية التي تعتبر أنّ ليبيا جزءاً رئيسياً من مجالها الحيوي في هذه المنطقة الاستراتيجية والهامة ولأسباب متعددة وكثيرة؟! .

وهكذا فإنّ المؤكد إن إنسحاب حفتر السريع والعاجل من اجتماع موسكو التآمري كان ضرورياً والدليل على هذا أن رجب طيب أردوغان قد خرج عن طوره كرجل دولة وبادر إلى توعد قائد الجيش الوطني الليبي بالثبور وعظائم الأمور وتهديده بانه سيلقنه درساً لن ينساه إن هو إستمر في اعتدائه على "الأشقاء الليبيين" وكأنه هو الليبي وأنّ هذا الجنرال هو التركي والغريب أن الرئيس التركي لم يخجل من أن يقول: " كانت ليبيا لعصور طويلة جزءاًمهمّاً من الدولة العثمانية .. وثمة روابط تاريخية وانسانية واجتماعية تربطنا بها وبالليبيين.. ولأجل هذا فإنه لا يمكن أن نبقى مكتوفي الأيدي حيال ما يجري هناك " .. ثم وإن الاسوأ من هذا كله أن أردوغان قد قال أيضا : " أن نصرة أحفاد أجدادنا في شمال أفريقيا تأتي على رأس مهامنا " !! .