المؤكد أن إنعقاد مؤتمر برلين الأخير، الذي إنتهى بقرارات في غاية الأهمية لكنها تحتاج إلى التطبيق، يعني أن ليبيا بالفعل دولة لها مكانتها ولها إعتبارها إنْ بالنسبة للعرب المعنيين وإن بالنسبة لدول أوروبا الرئيسية والأساسية كلها وأيضاً وإن بالنسبة لتركيا التي في عهد رجب طيب أردوغان باتت لها تطلعاتها التي تتجاوز البحر الأبيض المتوسط وتصل إلى عمق القارة الإفريقية.
لكن ما يمكن "إستشفافه" مما قاله بعض الذين شاركوا في هذا المؤتمر وأغلبهم قادة دول مؤثرة وكبيرة أنَّ ما صدر عن هذا المؤتمر من قرارات هامة لن تكون ملزمة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي من المفترض أنه هو المعني الأول بهذا الأمر والذي كان قبل أن يتوجه إلى برلين قد أرسل "شحْنة" من الذين وُصفوا في معظم وسائل الإعلام العالمية بأنهم "مرتزقة" وأنهم "إرهابيون" كانوا قد إرتكبوا أبشع المجازر في مناطق "إدلب" على الحدود السورية – التركية.
وبالطبع فإن هناك من يقول أن هؤلاء، الذين يذهب البعض إلى أن عدد الدفعة الأخيرة منهم تُقدّر بنحو ثلاثة ألاف، جميعهم من ميليشيات "الإخوان المسلمين" وإن إرسالهم وإرسال دفعات أخرى منهم إلى ليبيا يدلّ على أن رجب طيب أردوغان مستمر في "مخططه" المعروف الذي كان قد كرر الإعلان عنه مرات متعددة ثم ومادام أنه وريث الدولة العثمانية فإن من حقه أن يلحق هذه الدولة العربية وغيرها بما يعتبره أملاكاً موروثة عن جدوده العثمانيين الذين كانوا قد إنتهوا وانتهت دولتهم قبل قرنٍ وأكثر من السنوات.
إنه غير معروف كيف من الممكن أن تتعامل دول مؤتمر برلين مع أردوغان الذي من الواضح, لا بل المؤكد, أنه مستمر في "مشروعه العثماني" هذا وإن إرسال كل هذه الأعداد من "الإرهابيين" السوريين وللأسف إلى ليبيا هدفه "تسخين " الحدود الليبية – المصرية وإستعادة نظام الإخوان المسلمين الزائل في أرض الكنانة وهذه مسألة واضحة ومعروفة وقد كرر الحديث عنها حتى الرئيس التركي نفسه وأكثر من مرة.
ولهذا فإن من شاركوا في مؤتمر العاصمة الألمانية "برلين" مطلوب منهم متابعة قراراتهم بكل جدية وحتى وان لزم الامر التلويح بالعمل العسكري أمام أنف رجب طيب اردوغان الذي من الواضح أنه مصمم على مواصلة مشروعه الليبي والانتقال به, إن هو تمكن من انجازه, إلى دول عربية أخرى في القارة الافريقية وفي مقدمتها تونس التي له فيها "ركيزة"هي الاخوان المسلمون وايضاً مصر التي دونها جز الحلاقيم.