هناك رأي ووجهة نظر دأب نظام الملالي في إيران على الترکيز والتأکيد عليها والعمل على تسويقها ونشرها على أوسع نطاق بمختلف الوسائل والطرق، وجهة النظر هذه تشدد على إن المشکلة الکبرى لهذا النظام هي مع أعدائه الخارجيين ولاسيما الولايات المتحدة الامريکية، والملفت للنظر إن الکثيرين قد صدقوا وأخذوا بوجهة النظر هذه وجعلوها الاساس ونقطة الارتکاز في نظرتهم وتعاملهم وفهمهم للأوضاع في إيران، لکن، هل إن الامر کذلك؟ هل إن أعداء النظام الايراني الخارجيين يشکلون مشکلته الکبرى؟

ليس المهم على النظام الايراني مايدعيه ويزعمه بخصوص آرائه ومواقفه بل الاهم هو إثبات ذلك بالادلة والاثباتات القطعية، إذ أن الولايات المتحدة لم تشکل المشکلة الکبرى للنظام الايراني بل إنها وحتى عام 2016، کانت سياساتها في خدمة هذا النظام الاستبدادي المصدر للتطرف والارهاب، ولعل سياسة الاسترضاء والمسايرة التي کانت من إبتکارات إدارة الرئيس الاسبق بيل کلينتون والتي تم على أثرها إبرام صفقة قذرة ومشبوهة بين هذه الادارة وبين دعي ودمية لعبة الاصلاح والاعتدال محمد خاتمي حيث تم بموجبها إدراج منظمة مجاهدي خلق ضمن قائمة الارهاب وهو الامر الذي کان بمثابة حرب نفسية ضد الشعب الايراني ونضاله من أجل الحرية ضد هذا النظام خصوصا وإن الاخير إستخدمه ضد الشعب ولوح به کإعتراف من أکبر وأهم دولة في العالم به، مثلما إنه شکل عقبة کبيرة بوجه نضال المنظمة وهيأ له أجواءا مناسبة کي يترسخ أکثر ويتغول على الشعب الايراني.

الاتفاق النووي الهزيل الذي تم إبرامه في أواسط تموز من عام 2015، والذي نزل کهبة من السماء على النظام الايراني الذي کان غارقا في المشاکل وکان على أعتاب الانهيار وتم بموجبه إطلاق المليارات المجمدة من أموال الشعب الايراني ليقوم هذا النظام وعلى مرئى ومسمع من إدارة أوباما بإستخدامها لقمع الشعب الايراني وزيادة نفوذه وهيمنته على بلدان المنطقة والتي بلغت ذروتها خلال فترة حکم أوباما، ومن دون شك فإن من کان يعتبر عدوا لنظام لايمکن أن يساهم بتوفير کل أسباب القوة والاستمرار له، والانکى من ذلك، إنه وفي خلال تلك الفترات حيث کانت الادارات الامريکية المتعاقبة تساهم بصورة أو أخرى في تقوية النظام وجعله يتنمر بوجه شعبه وبوجه المقاومة الايرانية ومجاهدي خلق، فإن شعار"الموت لأمريکا" کان يتم ترديده من جانب النظام وهو ماکان يعتبر بمثابة أکبر مسخرة وأسخف نکتة من نوعها في ذلك الحين، کما إنه من المفيد جدا التذکير بأنه وخلال هذه الفترات الذهبية للنظام من حيث إستفادته من ما يسميه"الشيطان الاکبر"و"عدوه الاکبر واللدود"، فإن حملاته وممارساته القمعية ضد الشعب الايراني وصلت الى حد إن حملات تنفيذ أحکام الاعدامات قد بلغت ذروتها في عهد من کانت الادارة الامريکية تصفه بالمعتدل والاصلاحي أي حسن روحاني، الى جانب إن حملات وهجمات النظام الايراني عن طريق أتباعه في العراق على سکان أشرف وإرتکاب مجازر دموية فظيعة نظير مجزرة 8 أبريل/نيسان2011 ومجزرة الاول من سبتمبر/أيلول2013،والحصار اللاإنساني الذي أمر بفرضه على سکان أشرف وتسبب بوفاة العديد منهم، کل هذا تم بواسطة الاستفادة من سياسة الاسترضاء، وهنا نتسائل؛ إذا کان النظام الايراني يستمد الدعم والقوة من الولايات المتحدة ليقوم بإستخدامها ضد الشعب الايراني وضد المقاومة الايرانية، ياترى من هو عدو النظام ومشکلته الکبرى في هکذا وضع؟ بطبيعة الحال فإن مشکلة النظام الکبرى کانت ولازالت نضال الشعب والمقاومة الايرانية من أجل الحرية ولإسقاطه ولکي نثبت الفرق الکبير جدا بين فترات إسترضاء النظام أمريکيا وفترة التعامل الامريکي الصارم معه منذ عام 2016 حيث بداية عهد الرئيس الحالي دونالد ترامب، فإننا نذکر بإنه وخلال تلك الفترات السوداء کانت هناك إنتفاضة کبيرة واحدة للشعب الايراني في عام 2009 والتي تم إخمادها بقوة من جانب النظام تحت مرئى ومسمع من إدارة أوباما ومواقفها الهزيلة والمفضوحة من الشعب الايراني، ولکن خلال عهد ترامب وعندما بدأ النظام يفقد سر قوته وتغوله فقد إندلعت بوجهه ثلاثة إنتفاضات متتابعة وتم تأسيس معاقل الانتفاضة ومجالس المقاومة وصارت تمارس نشاطاتها الى جانب الاحتجاجات المتواصلة للشعب الايراني، وهذا بحد ذاته کافللدلالة على إن العدو والمشکلة الکبرى لنظام الملالي لم تکن ولن تکن الولايات المتحدة بل إنها کانت وستبقى حتى يوم الحسم الشعب والمقاومة الايرانية إذ وکنا أکدت الادارات الامريکية المتعاقبة بأنها لاتريد إسقاط النظام الايراني فإن الشعب والمقاومة الايرانية قد جعلوا من إسقاط النظام مهمتهم وهدفهم الاساسي الذي لاحياد عنه أبدا حتى تحقيقه.