في عام 1931، كتب سيغموند فرويد دراسة حملت عنوان:”مختصر النظريّة التحليلية" ، قدم فيها تحليلا من وجهة نظر علم النفس للرئيس الأمريكي ويلسون الذي أطلق في نهاية الحرب الكونية نظريته الشهيرة:” حق الشعوب في تقرير مصيرها". إلاّ أن تلك الدراسة لم تصدر إلاّ عام 1966 لكن مع حذف بعض المقاطع المحرجة . ولم تصدر الدراسة كاملة إلاّ عام 2004 بفضل المؤرخ بول راوزن الذي عثر على نسختها الأصلية في أرشيف جامعة"يال".
وتقول عالمة النفس الفرنسية اليزابيت رودينسكو التي سبق لها أن أصدرت كتابا عن فرويد أواخر عام 2014، إن تلك الدراسة أبرزت أن هناك مظاهر من الجنون لدى الشخصيات الكبيرة يمكن أن تتخفى فيصعب تبيّنها. وكان الرئيس الأمريكي ويلسون متأثرا بشخصية والده الذي كان قسّا كالفانيّا. وأكثر من مرة كان عرضة لأزمات صحية خطيرةة أثرت على القرارات التي كان يتخذها. وكان يعتقد أنه ممثل الله على الأرض. لذا كان يحلو له أن يتصرف دون أن يولي أيّ إهتمام لنصائح مستشاريه ووزرائه. وفي دراسته،اعتبر فرويد أن الشعب الأمريكي انتخب رئيسا مستبدا تعتريه حالات جنون خطيرة. وهو يُحمّله مسؤولية ميثاق"فرساي " الذي ساعد بحسب رأيه على بروز النازية في المانيا، والفاشية في إيطاليا، ومزق أوصال الإمبراطورية النمساوية. وترى اليزابيت رودينسكو أن البرروفايل الذي بلوره سيغموند فرويد عن شخصية ويلسون بات وثيقة أساسية لتحليل سلوك الشخصيات السياسية الكبيرة. وكان الرئيس الأمريكي ابراهام لنكولن يعاني من حالات كآبة مزمنة. مع ذلك تمكن من أن يقود بلاده في فترة صعبة تخللتها حروب وصراعات عنيفة. وعرف عن نيكسون أنه كان مغرما بالتجسس على فريقه الحكومي، وحتى على أقرب الناس إليه. ودائما كان يتوهم أن هناك مؤامرات تحاك ضده في الخفاء. لذا كان يعيش في حالة من الإرتياب الدائم. و بسبب الهوس الجنسي، كان الرئيس جون كيندي يعشق ملاحقة الممثلات الشهيرات، ومغازلة النساء الجميلات. وأما الرئيس لندن جونسون فقد كان مهووسا بعضوه الطويل. وكان يحب أن يظهره في المجالس الحميمة، مطلقا عليه إسم"جامبو". وعن دونلد ترامب، تقول اليزابيت رودينسكو:”حالة دونالد ترامب ليست عادية إذ أنه لم يكن متننظرا أن يدخل البيت الأبيض بسبب أفراطه في إطلاق التصريحات والتعاليق التي تبرز سلبياته الخطيرة. إلاّ أن الأزمة الديمقراطية التي يعاني منها العالم الرأسمالي راهنا، وصعود الشعبوية ساعداه على أن يصبح رئيسا لأكبر دولة في العالم.وتضيف اليزابيت رودينسكو قائلة:”ترامب جاء بعد اوباما كرد فعل لأمريكا العميقة التي لم تتقبل نخبوية الساحل الشرقي التي يمثلها هذا الأخير. وإذن يمكن القول إن أمريكا العجوز ،أمريكا البيضاء الفقيرة والساخطة هي التي تمردت على نخبها. من هذا الجانب، نحن نصاب بالدهشة والذهول حين نعاين أن الطبقات الأكثر عرضة للإستغلال هي التي صوّتت لميلياردير زاعمة أنه يعكس بؤسها. وتلك هي المفارقة الكبيرة".وترى اليزابيت رودينسكو أن ترامب يجسد ما يسمى ب" American way life “ . لذا تمكن من الإنتصار على هيلاري كلينتون. وهو ينتمي إلى الطبقة البورجوازية،’ لكنه عديم الثقافة ، وله سلوك بدائي يذكر بسلوك رجال"الفارواست". لهذا السبب هو مرفوض من قبل المثقفين والفنانين ونجوم هوليوود.