حرب البعثات الدبلوماسية في العراق بات الملف الاكثر حدة من بين ملفات معقدة تشي بحرب اهلية وشيكة الإ إذا ما عاد صقور أيران في العملية السياسية العراقية الى رشدهم وفهموا الدرس من الضربة الامريكية لقاسم سليماني وابو مهدي المهندس في محيط السفارة وسط بغداد وجنبوا العراق عقوبات واشنطن وتهديد ووعيد راعي البيت الابيض ترامب.

واشنطن عازمة كما طهران على إذلال إحداهما الاخرى على الارض العراقية لحسابات بات الكل يعرفها ولم تعد سرا مخفيا، وما زاد الطين بلة التصعيد الاخير بقصف السفارة الامريكية في بغداد الأحد الـ26 كانون الثاني الجاري سبقها 22 صاروخا إيرانيا على قاعدة عين الاسد وحرير الامريكيتين في الانبار واربيل ، عوامل التصعيد هذه تفتح الباب على مصراعيه لرياح الحرب الاهلية العراقية لإعتبارات تقف في مقدمتها اتباع إيران من قوى شيعية مهيمنة تمتلك القدرة على الرد وعرقلة الجهد الامريكي على مختلف المستويات في البلاد ينعكس تاليا على أدائها السياسي وتخليها عن بعض إلتزاماتها ليدع تلك القوى المهيمنة من إستغلال الفرص والعبث بأمن المواطن بدواعي حمايته وتقسيم البلد الى "كانتونات" طائفية واخرى عرقية ولا نستبعد عشائرياً حتى.

العراقيون منقسمون بشكل بات واضحا بين المؤيد لسياسات طهران بدواعي المذهب والعمق السياسي وبين رافض لوجودها وعبر عنه صراحة في ساحات التظاهر " ايران بره بره " ما يعني وجود إختلاف بنيوي في وجهة النظر العراقية والطرف الاهم في معادلة الإنزياحات العقائدية في المذهب ذاته تبكر في تحشيد وتاجيل وإشعال فتيل أزمة لا تهدأ من الصراع وهو مطلب يغذ دعاته السير بإتجاهه على الارض العراقية وتحقيقه بطرق جدلية كما بقية رؤاها وتقاسمها للمواقف والتحاصص.

واشنطن عازمة على البقاء في العراق شاء " الصقور " ام ابوا فهي الدولة التي رعت كما نعلم مشروع التغيير السياسي في العراق رقم واحد ولا احد ينازعها على هذا الامر وهو من بديهيات المعرفة باوليات سقوط النظام السابق والشوط الطويل الذي قطعته لإسقاطه منذ غز الكويت 1990 ولغاية الحرب 2003 وما جلبته تلك الحرب من تداعيات في العراق والمنطقة وأسست لقوى مناهظة لها تدين بالولاء لطهران واخرى سنية في المناطق الغربية كان لها دور كبير في محاربة الامريكان على مستوى الداخل العراقي.

تظاهرات 1 إكتوبر المجيدة بقيادة الشباب العراقي أسست لخيارات وطنية وقيم سياسية وعرف في تأطير العلاقات على اساس ان السيادة العراقية خط احمر ووجود قنوات متعارف عليها يمكن أن تمرر من خلالها المواقف الإقليمية والدولية " عراقيا " دون الإنجراف الى مهاوي سحيقة والقتال بالوكالة على حساب السيادة الوطنية العراقية.

فصائل عراقية تحاول النأي بنفسها مما يجري على السفارة الامريكية لدى بغداد وبقية البعثات لمعرفتها بتوابع وردود الافعال التي تلي ذلك من الناحية العسكرية كما حدث لكتائب حزب الله العراقي غربي العراق ، وكذلك فهمها أن البعثات الدبلوماسية هذه تمثل سيادة الدول وبالتالي يحتسب وفق القانون الدولي إعتداءا عليها ويستوجب ذلك عقابا وتعويضات ستدخلها في حرج مع الحكومة مهما كان لونها في البلاد وتبعيتها ، كذلك تجريمها وإدانتها واعتبارها تعمل خارج إطار الدولة وبغطاء غير شرعي موالي لدولة اخرى وهي بذلك تدين نفسها بنفسها، بالعموم وهي بشكل مؤكد لا تريد ذلك وتبتعد عن خط المواجهة المباشرة وتمارس خطوات الكر والفر لكن ذلك غير مجدي مثلما كان يفعل ضد الامريكان في أزمات سابقة كرست مفهوم الكراهية ورغبة واشنطن بإختلاف حكوماتها معاقبتها والعمل على كسر شوكته.