جاء الإسلام كدين ليس لقوم او عرق كما الديانات السابقة بل للعالم أجمع فهو دين عالمي.. لذلك كان خطابه في معظم الآيات ( أيها الناس ) ليؤمنوا تم تحول الي المؤمنين من الناس ( الذين آمنوا ).

طرح الإسلام فكرة العولمة قبل اي فكر سياسي .. فالإسلام دين للمسلم و حضارة لغير المسلم يعيش بداخله في أمن و امان و كانت وثيقة ( صحيفة المدينة ) اول دستور مدني نص على التعايش السلمي لكل الأديان داخل المدينة الواحدة .

و استخدم هذا الدستور مصطلح الأمة متعددة الأديان و مواطنة لها حقوقها و وجباتها تحكمها مرجعية إسلامية عادلة.

صادق الإسلام على التعامل و العيش السلمي بين كل الاعراق.. فقد انتشر الإسلام بالتجارة في دول شرق آسيا من ماليزيا و أندونيسيا. و حتي أفريقيا و عاشت كل الاديان داخل منظومة الإسلام العولمية .

تم جاء مبدأ العَلمانية التي استعملت استعمال خاطيء من قبل فقهاء و تجار الاسلام السياسي واختصروها في تعريف ناقص ( فصل الدين عن الدولة ) فالعلمانية بمعناها الصحيح هى (حيادية الدولة تجاه الدين) من مبدأ من شاء فليؤمن و من شاء فليكفر .. خاصة في الدولة المتعددة الأديان لا يمكن أن تقوم على دين واحد و الا لأصبحت دول مثل أوربا مجحفة لحق المسلمين فيها و هم اقلية .. فالدولة تقوم على العدل.. و العدل اساس الحكم.

لقد كانت الدولة و النظام الاسلامي في الأندلس علمانيا و حمي المسيحين و اليهود و لكن عندما سقطت دولة الاسلام قام الاسبان بتنصير المسلمين ما سمي لاحقا باسم المرسكيوون.. اليوم لا تمارس اسبانيا هذا الفعل بل و تستهجنه و تعتبره جزء من تاريخ مشين لها لم يمارسه المسلمون و هم في أوج قوتهم و هم في السلطة.

لقد خص الله نفسه بالفصل بين الديانات حين قال : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) .

ما يعانيه الخطاب الديني اليوم هو تغلب نظرة الفقه الضيقة وتلبيس السياسة على الدين و هي حالة أشبه بعصور الظلام في أوربا و سيطرة الدين الكنسي على مفاصل الحياة و هذا تحديدا ما جاء الإسلام لتصحيحه فالدين لله والعلاقة مباشرة بدون وساطة بين العبد و خالقه.

والإسلام دين العالمين و سمي الله خلقه بالعبيد،

حتي يقطع الطريق ان يكون الإنسان عبدا لعبد،

بل عبدا لرب العالمين.

*كاتب من ليبيا.

[email protected].