ما أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن "صفقته" المعروفة حتى تراكض بعض الذين ينتظرون على الأرصفة العربية ومن بينها الرصيف الأردني وسارعوا لمطالبة الرئيس محمود عباس (أبومازن) بالإستقالة وكأنه لم يبادر إلى رفض هذه "الصفقة" ولم يقل عن "صاحبها" أكثر مما قاله مالك في الخمر وهو يعرف أن ردّ فعله هذا الذي كان ضرورياً ولا بد منه سيعرضه شخصياًّ وسيعرّض الوضع الفلسطيني إلى "إنتقام" إسرائيليٍّ كان بنيامين نتنياهو قد بقي يلوح به حتى قبل هذه الخطوة الأميركية بفترة طويلة.

وذلك في حين أن المفترض أن يبادر الفلسطينيون والعرب كلهم إلى دعم الموقف الذي إتخذه (أبومازن)، وبالطبع ومعه إخوانه في السلطة الوطنية وفي حركة "فتح" ومنظمة التحرير وأيضاً في "حماس" والفصائل الفلسطينية الأخرى، فهذه القضية، أي قضية فلسطين، هي قضية وطنية وقومية عامة وأن الصراع مع إسرائيل لا يقتصر على الأشقاء الفلسطينيين وحدهم وأنه في حقيقة الأمر صراع عربي –صهيوني بقي مستمراً ومتصاعداً منذ عشرينات القرن الماضي وحتى الآن.. وعلى مدى سنوات طويلة مقبلة.

لماذا كل هذه "الهجمة" المشبوهة وغير المبررة وأيضاً غير "النظيفة" على الرئيس الفلسطيني الذي أعطى معظم سنوات عمره لفلسطين وللقضية الفلسطينية والذي كان أحد الذين أطلقوا رصاص "الثورة المعاصرة" في الفاتح من عام 1965 وإلى جانب شهداء هذه القضية المقدسة: "أبوعمار" و"أبوإياد" و"أبوجهاد" و"أبويوسف النجار" و"كمال عدوان" والعديد من قيادات الصنف الثاني الذين يعرفهم الشعب الفلسطيني كله .

إنه معروفة دوافع، بعض الذين أمضوا معظم سنوات أعمارهم في العواصم الغربية البعيدة، لإستهداف (أبومازن) بمجرد إعلان ترمب عن "صفقته" فحسابات هؤلاء ليست فلسطينية وهم مشهورون ومعروفون "بمزايداتهم" الرخيصة أمّا ربما أن ما هو غير معروف لكثيرين هو أن بعض الذين لم يعطوا من أعمارهم ولو لحظة واحدة لقضية فلسطين، مع أنهم من أصول و"فصول" فلسطينية، قد بادروا إلى "كبِّ شرهم" على الرئيس الفلسطيني ومطالبته بالإستقالة والتنحي وذلك بدل أن يساندوه ويقفوا إلى جانبه وكما فعل فلسطينيون وعربٌ كثيرون.

ويقيناً أنّ هؤلاء الذين بادروا إلى مطالبة (أبومازن) بالإستقالة يريدون إنهيار هذه الحالة الفلسطينية كلها ويتوقعون تخلي الأردن عن "فك الإرتباط" مع الضفة الغربية ليكون لهم نصيبهم في المستقبل كما كان لهم نصيبهم في الماضي منذ عام 1949 وحتى عام 1988.. وإلاّ ما هي الأسباب التي دفعتهم لإستهداف الرئيس الفلسطيني في هذه الظروف الصعبة وذلك بدل أن يؤازروه ويقفوا إلى جانبه في مواجهة هذه المستجدات الصعبة والخطيرة والمصيرية بالنسبة لقضية فلسطين التي من المفترض إنه لا أهم منها قضية لا فلسطينياً وبالطبع ولا عربياً.