تتعرض البنية الاخلاقية للمجتمع الكردي في اقليم كردستان الى مخاطر عديدة خلال العقود والسنوات الماضية، وبدأت مظاهرها مع بداية استيلاء الاحزاب على السلطة وخاصة الحزبين الحاكمين لمسعود البرزاني وجلال طالباني، وتم فرض سلطة فاسدة مارقة اتسمت بسلوكيات لاوطنية للحكام والرؤساء والوزراء والمسؤولين الحكوميين والحزبيين، تميزت بممارسات لاشرعية واستعلاء فوقي وسحق للقانون وخاصة من قبل رؤساء الاحزاب وافراد العوائل التي تمسكت بزمام الحكم ومفاصل الحياة الاقتصادية والتجارية.

ومع الاحتلال الحزبي لنظام الحكم بدأ الفساد بالتفشي الرهيب داخل الحكومة والسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية والعسكرية، والمتاجرة الفاسدة بالبضائع والسلع والمواد المستوردة، ومن قبل اغلب التجار والمقاولين ومالكيالشركات واصحاب رؤوس اموال السحت الحرام، وتخللت التجارة والحركة الاقتصادية بفرض الاحتكار والاستغلال بالقوة على كل اسواق الاقليم، وتخلل حكم الحزبين الحاكمين بالنهب والسرقة والفرهدة للاموال العامة، والاستيلاء على اراضي وعقارات وممتلكات عامة بالقوة والنفوذ السياسي والعائلي، وغيرها من المظاهر الجشعة والسلوكيات والممارسات المرتبطة بالرأسمالية المتوحشة المتسمة باللااخلاقية المطلقة التي نخرت بنيان الجسم الكردي منذ اكثر من عقدين ونصف من الزمن الفاحش.

والطامة الكبرى ان المظاهر والممارسات اللاشرعية المتسمة بالجشع الرهيب التى تمارسها المافيات والعصابات العائدة للحزبين الحاكمين والعائلتين الحاكمتين البرزاني والطالباني بالاقليم، دخلت بتماس مباشر مع حياة المواطنين فمحت وازالت أغلب السلوكيات الانسانية الجميلة النبيلة التي كانت متجمعة تحت خيمة منظومة الاخلاقيات الكردية المتوارثة من اجيال بعيدة الى اجيال الامس عبر احقاب وقرون وعقود ماضية، مثل النزاهة والاخلاص والمصداقية والثقة وخاصة بالتجارة والتعاملات والمبادلات والقناعة وتحاشي الحرام والتمسك بالحلال والتقيد بجميع القيم والمباديء الانسانية والدينية والاجتماعية، وغيرها من الصفات الاخلاقية المميزة للانسان الكردي، ولكن السلطات الحاكمة من الحزبين الحاكمين وبفعل نواياها وغاياتها الشيطانيةوانانيتها الحزبية والشخصية والعائلية ونفسيتها الامارة بالسوء الدائم،اخفت اغلب النماذج والقيم النبيلة الراقية من مكونات المجتمع الكردي في الواقع الراهن.

والمشكلة فان المجموعة الحاكمة لم تكتف بنهب وسرقة وفرهدة الثروات والاموال والموارد والممتلكات العائدة للشعب وللمال العام، بل لجأت دائما الى خلق أزمات سياسية وعسكرية وحياتية ومعيشية خانقة لسحق كرامة المواطنين، وترافق دائما بفرض اجواء وبيئات فاسدة والمتاجرة والتعامل بكل ما هو لاشرعي، واحداث العقدين والسنوات الماضية اثبتت ان سجل الحزبين الحاكمين للبرزاني والطالباني لا تحتاج الى ادلة وبراهين في افعالهم واعمالهم المشابهة لاعمال القرصنة، واخر خبر عن مساويء الاخلاق هو اتلاف مليون ونصف مليون طن من المواد والسلع المستوردة بالاقليم السنة الماضية، وان كان الرقم الووارد مكشوف للاعلام فكيف بالارقام المخفية للتجار والمسؤولين الفاسدين، والهدف هو تدميرالانسان الكردي صحيا وجسديا واجتماعيا لتحقيق ارباح ومنافع مالية عالية باي طريقة كانت، واخر ما قدمه الحزبان الحاكمان والحكومة من سيناريو جديد هو خلق ازمة للغاز السائل بين ليلة وضحاها، وفي ظل صمت تام لرجال الكبار بالسلطة من مسعود البرزاني وابنه رئيس الوزراء وابن عم الاخير رئيس الاقليم، ولرؤساء الاحزاب الكردستانية والكتل النيابية بالبرلمان،وكأن الازمة متفق عليها بين الحكام الفاسدين والسياسيين المارقين بالاقليم لاشغال كرد العراق بها.

لهذا وبسبب المظاهر المدانة المذكورة اعلاه، وبغية مجابهة واقع حكم الاقليمالمتشبع بالفساد المادي والخراب والتدمير المعنوي لنفوس وعقول افراد مكونات المجتمع الكردي، والمتسم بالابتعاد عن منظومة الاخلاقياته الكردية، وذلك نتيجة تعسف وفساد وظلم وجبروت السلطة الحاكمة، حتى باتت الازمات التي تلحق بشعبنا الكردي المهموم مسألة روتينية لدى الحزبين الحاكمين الفاسدين المارقين.

ومن باب الضرورة الوطنية لحماية المنظومة الانسانية والاجتماعية للمجتمع الكردي، نرتأي الدعوة الى مشروع اخلاقي مدني لوقف الانهيار المعنويللمكونات الاخلاقية المجتمعية، وذلك من خلال الطلب من السيد رئيس الاقليم السابق مسعود البرزاني النزول الى الشارع الكردي والخروج من البرج العالي الذي وضع نفسه فيه للفصل والابتعاد عن الشعب، وذلك برفقة رؤساء الاتحاد الوطني والتغيير والاتحاد الاسلامي والجماعة الاسلامية، للقاء بالمواطنين بتماس وحديث مباشر في الشارع قي اربيل والسليمانية ودهوك، وذلك بدواعي التعرف المباشر على القضايا والازمات والمشاكل والمآسي والهموم التي يعاني منها المواطنون في حياتهم المعيشية والحياتية، وعلى ان ترافق الجولة الميدانيةهيئة من اهل الحكمة والخبرة والتجربة لوضع الحلول لمعالجة الاوضاع المتدهورة التي يمر بها المواطنين بالاقليم.

وعلى ان يقترن برنامج الحلول بخطة استراتيجية لانشاء صندوق مالي برأسمال قدره ملياري دولار، بمبادرة من السيدين مسعود البرزاني وكوسرت رسول وبمساهمة مباشرة وملزمة من جميع الاحزاب والشركات واصحاب رؤوس الاموال، وعلى ان يخصص اموال الصندوق للتسليف المباشر للمواطنين بمنح قروض ميسرة جدا في كل مجالات الاحتياجات الحياتية الانسانية كالمشاريع الصغيرة للشباب والزواج وبناء دورالسكن وشراء السيارات الشخصية والتشغيلية وتسليف طلاب الجامعات والمعاهد والخريجين والسيدات والانسات الراغبات بالعمل وغيرها من المجالات التي لها علاقة وبتماس مباشر مع احتياجات وحاجات افراد الشعب.

ولاشك فان هذه المبادرة في حالة تبنيها من قبل القادة الكرد ستكون لها الاثر الكبير في اعادة التوازن الى منظومة الاخلاقيات الكردية المقبلة على الانحداربسبب جشع ووحشية وديناصورية الساسة والتجار والشركات والعصابات والمافيات الحزبية والحكومية والعائلية الحاكمة، وستساعد على وقف التدهور الحاصل في بنية الحياة المعيشية والحياتية لمكونات وشرائح المجتمع الكردي، وذلك من خلال تجاوز الازمات والمشاكل والبدء بمرحلة جديدة تحقق فيها تنميةحقيقية وتقدم نوعي في حياة كل مواطن بالاقليم لضمان حاضر ومستقبل اجيال الاقليم.