سيبقى أي إتصال مع أي مسؤول إسرائيلي، بإستثناء المصريين والأردنيين والفلسطينيين، يثير أسئلة وتساؤلات كثيرة وهذا هو ما حصل مع رئيس المجلس السيادي السوداني الجنرال عبدالفتاح البرهان الذي دفعه الأميركيون دفعاً للقاء بنيامين نتنياهو في أوغندا خدمة لهذا الأخير وليس له هو والمؤكد أن هذا ينطبق على "صفقة القرن" التي أرادها الرئيس الأميركي دونالد ترمب بمثابة تلميع له و"لصديقه" الإسرائيلي الغارق مثله في الموبقات حتى "شوشة" رأسه.

والواضح، لا بل المؤكد، إن ما جرى مع رئيس المجلس السيادي السوداني سيجري مغ غيره من العرب فهدف الرئيس الأميركي أن يقول لجماعات الضغط اليهودية الفاعلة في التوجهات السياسية الأميركية أنه سيضع الدول العربية، إن ليس كلها فمعظمها، في دائرة "التطبيع" مع إسرائيل حتى قبل أن تتوصل إلى إتفاقية سلام معقولة مع الفلسطينيين!!.

والواضح إن ما دفع عبدالفتاح البرهان إلى هذه الخطوة التي إعترضت عليها الحكومة السودانية وإعترض عليها سودانيون وعرب كثيرون ، من غير الإخوان المسلمين الذين لم يعترضوا على إبرام حركة "حماس" إتفاقية هدنة طويلة مع إسرائيل بـ "وساطة" قطرية، هو أن هذا النظام السوداني الجديد قد ورث أزمة "إنشقاقات" ضاغطة عليه وأنه بالنسبة إليه وبالنسبة لمعظم السودانيين قناعة بأن وراءها إسرائيل والولايات المتحدة وهكذا فإن رئيس مجلس السيادي السوداني قد قبل بهذه المساومة التاريخية وألتقى رئيس الوزراء الإسرائيلي ليخلص السودان حسب قناعته من هذه الأزمة "المتجذرة" التي بقيت تعترض طريق بنائه وتطوره كل هذه السنوات الطويلة وبالطبع فإنه لم يكن موفقاً في هذه القناعة وبخاصة وأنه قد فعل ما فعله من وراء ظهر الحكومة السودانية .

وبالطبع فإن بعض الذين بقوا "يتفرجون" على هذه "السيناريوهات" عن بعد ولا يعرفون كم أن السودان قد عانى من كل هذه "الإنشقاقاات" التي بقيت تعترض طريق بنائه ووحدته لعقود طويلة قد ذهبوا بعيداً وبادروا إلى "تخوين" الجنرال عبدالفتاح البرهان الذي ربما أنه ينطبق عليه ذلك المثل القائل:"ما دفعه إلى المر إلاّ الأمر منه" وإن الوضع العربي كله:"لا يسرُّ الصديق ولا يغيض العدا".

وهنا فقد كان على رئيس المجلس السيادي السوداني أن لا يقدم على ما أقدم عليه من وراء ظهر الحكومة السودانية وأنه إذا كان لا بد من الإستجابة لما طلبه منه ترمب وأيضاً نتنياهو ليخلص السودان من كل هذه المؤامرات الإنشقاقية فقد كان عليه ألاّ يبادر إلى هذه الخطوة بدون معرفة ولا إستشارة زملائه الذين هم في مواقع المسؤولية.