هناك أمكنة تحب أن تتواجد فيها ، لا يهم أن تنتمي لها بشكل كامل المهم أن تفرش هي شيئاً من ظلها على روحك , الأمكنة الهادئة ظاهرياً والمزدحمة بالأحاديث والأفكار والمشاعر.. التي تحفزك على أن تخلق أحاديث داخلية تواجه بها رغباتك التي كنت تتعمد تجاهلها ، أحاديث مليئة بالرغبة والحياة والتفاعل مع ما يبث فيك الشعور بالحياة ويحركك , هي التي تحدثك .. وتشغلك .. وتحرر ما فيك فتخرج المدفون إلى السطح وتتخاطب معه وكأنها كانت معك وشهدت على ما مررت به.

أصحابها الذين كافحوا لكي يوجدوها لم يفضلوا أن يبقوا على أحلامهم خلف الزنازين ، لم يتحملوا القيود التي طوقت معصمهم رغماً عنهم بل كونوا بكل إرادة جنحان كانت كافية لأن نستظل تحتها ، نشاركهم جزءاً من نجاح أحلامهم ونشهد بعض ولادتهم ونصفق لهم ونهنئ أنفسنا بمعرفتهم.

بعض الأمكنة تحدثك عن الممكن .. وعن رحلة صاحبها ، عن الإيمان والثقة والقدرة على العمل والإنجاز ، عن الحلم الرفيق في اليقظة والمنام وكيف له أن يتحول إلى واقع ملموس ومشهود نفخر به و بصاحبه ، مثل هؤلاء لم يكتفوا بالموجود بل أوجدوا الناقص وتحدوا الواقع كي يشهد صناعة تحويل الحلم إلى حقيقة ملموسة ، واضعين بصمتهم بجانب من سبقوهم ، فبعض ما يحققه المرء لا يخدمه وحدة بل يكون إضافة لمجتمعه.

هناك من بإمكانه أن يكون علامة فارقة ، تجد بأنه قادر على وضع بصمة مميزة به ، وخلق مكان يجذبك للانتماء إليه , قد تراه قدوة في مجاله وقد تراه ملهماً يحفزك للوصول إلى مبتغاك فقد أثبتت لك تجربته أن الجهد يثمر , وأن المستحيل لا وجود له في صفحات الناجحين , لذا أحياناً تشعر بأنك أحببت روح الأمكنة لها تحدثك عن همة أصحابها.