كل الذين بقوا ينتظرون فرصة سانحة ليستعيدوا ما كانوا فقدوه، بعدما إنتزعت منظمة التحرير الفلسطينية قراراً عربياً بأنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، أولاً في قمة الجزائر الشهيرة في عام 1973 ثم في قمة الرباط في عام 1974 ، قد بادروا رغم "تقدمهم في السن" ودخول أعمارهم الجزء الثاني من عقد الثمانينات، بمجرد أن طرح الرئيس الأميركي دونالد ترمب ومعه رفيق دربه بنيامين نتنياهو :"صفقة القرن"، إلى صب جام غضبهم على الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن) وبادروا إلى مطالبته بالإستقالة من منصبه والتنحي وحل السلطة الوطنية والتخلي عن "إتفاقات أوسلو" المعروفة.

وبالطبع فإن هناك من لا يعرف أنّ هؤلاء أقدر على تسويق أنفسهم لدى الدولة المعنية، التي هي المملكة الأردنية الهاشمية، وإحتلال أهم وأعلى المواقع فيها على إعتبار أصولهم وفصولهم الفلسطينية قبل أن "تظهر" منظمة التحرير وتصبح ممثلاً شرعياًّ ووحيداً للشعب الفلسطيني وقبل أن يبرم القادة الفلسطينيون "إتفاقيات أوسلو" ويعودون ويتبعهم لاحقاً مئات الألوف من الفلسطينيين إلى الضفة الغربية وقطاع غزة ويعلنوا إنشاء :"السلطة الوطنية" كخطوة نحو إقامة الدولة المستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

والسؤال هنا هو: لماذا يا ترى بادر هؤلاء، الذين كانوا قد فقدوا "حظوتهم" السابقة قبل بروز المقاومة الفلسطينية وإعتبار منظمة التحرير ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني، إلى مطالبة الرئيس (أبومازن) بالإستقالة وحل "السلطة الوطنية" بعدما طرح ترمب ما سماه :"صفقة القرن" في أسواق النخاسة إن في هذه المنطقة العربية وإن في العالم بأسره؟!.


ما الذي يريده هؤلاء يا ترى..؟! ولماذا طالبوا "أبومازن" بالإستقالة وحلّ "السلطة الوطنية" وذلك مع أن القيادة الوطنية قد بادرت إلى رفض "صفقة القرن" ..هذه التي رفضتها معظم الدول العربية والعديد من الدول الكبرى في العالم بأسره.. وأيضاً بعض الأوساط الإسرائيلية التي رأت أنها ولدت ميتة وأنها لا تصلح أن تكون حلاًّ مقبولاً لهذه القضية المعقدة.

إن ما يريده "غربان الشؤم" هؤلاء الذي بقوا ينتظرون ولسنوات طويلة على قارعة طريق العودة إلى مواقع كانوا إحتلوها بحكم "هويتهم" الفلسطينية في فترات سابقة باتت بعيدة قبل أن يصبح هناك ممثلا شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني وقبل أن تكون هناك "إتفاقيات أوسلو" وسلطة وطنية في طريقها إلى أن تصبح دولة فلسطين المنشودة.. وهنا فإن السؤال أيضاً هو: وماذا إذا إستقال (أبومازن) وبادر قبل إستقالته إلى حل :"السلطة الوطنية" .. والتخلي عن كل هذه القرارات الدولية المؤيدة والمساندة للفلسطينيين وأهمهما ذلك القرار الدولي بالإعتراف بدولة فلسطينية تحت الإحتلال؟!.