ألا تعني مواكب النواح والعويل على جنرال الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، التي شارك فيها حسن نصر الله علناً وأمام شاشات الفضائيات، أن هناك إحساساً لدى "عرب إيران"، وليس أتباع المذهب الشيعي الكريم الذين هم الثائرون حالياً على التدخل الإيراني السافر في شؤون وطنهم، بلاد الرافدين، بأنهم إقتربوا من أن يصبحوا أيتاماً وأن نهاية "الصفويين" ستكون نهاية "الخمينيين" و"الخامنئيين" وأن القادم القريب سيكون أعظم!

ويقيناً أن الذين شاهدوا زعيم ضاحية بيروت الجنوبية وهو يجهش ببكاءٍ مرير يقطع نياط القلوب على قاسم سليماني لا بد وأنهم أدركوا أن حسن نصرالله "ينوح" على حلمه، الذي بات بحكم الضائع، وليس على جنرال الحرس الثوري وأن ظل إيران الذي كان قد خيم على الدول العربية في عام 2003 بلعبة أميركية فاشلة قد دخل مرحلة "الإنقشاع" وأن المستهدف هو "الفرس" الإيرانيون وليس "الشيعة" ولا المذهب الشيعي الذي هو مذهب عربي قديم لا علاقة له أساساً لا بإيران ولا بالإيرانيين.

في عام 2003 كان خطأ الأميركيين القاتل، الذي يدفعون ثمنه غالياً الآن، أنهم بعد إسقاط نظام صدام حسين قد فتحوا حدود العراق الشرقية أمام الإيرانيين وأن النظام الإيراني الذي كان ينتظر تلك اللحظة التاريخية قد بادر إلى إندفاعة "إحتلالية" تجاوزت بلاد النهرين وسوريا ووصلت إلى ضاحية بيروت الجنوبية وهكذا فقد ساد إعتقاد لدى المصابين بعقدة "مذهبية" تاريخية أنّ الظلال "الصفوية" ستعود لتعم هذه المنطقة كلها التي ستستبدل هويتها العربية بهوية جديدة.
وهنا فإن ما لا يدركه البعض ولم يتوقفوا عنده هو أنه عندما رفع بشار الأسد شعار:"سوريا المفيدة" فإنه كان يقصد إقامة :"الدولة العلوية" لتكون جزءاً من "الدولة الخمينية" المنشودة وهذا مع أن العلويين لم يكونوا لا سابقاً ولا لاحقاً من أتباع المذهب الشيعي وأنهم كانوا قد خرجوا عليه وأبتعدوا عنه في فترة سابقة باتت بعيدة.

والمهم وبغض النظر عن هذا كله فإن ما بات واضحاً ومؤكداً هو أن نهاية التمدد الإيراني في هذه المنطقة، الذي هو في حقيقة الأمر تمدد فارسي وليس شيعي، باتت قريبة وأن ثورة شيعة العراق على الوجود الإيراني في هذا البلد العربي إقتربت من تحقيق أهدافها المنشودة مما يعني أن نظام الملالي أصبح فعلياً مهدداً بالزوال وبخاصة إذا حافظت قوى المعارضة الإيرانية على وحدتها الأخيرة وإذا إنتقلت من "المنافي" البعيدة إلى الداخل الإيراني.. عسكرياًّ وسياسياًّ وكل شيء!