رحم الله أمرئ عرف قدر نفسه. قول عربي مشهور (وليس حديث نبوي کما يشاع عنه)، هو قول لئن کان من الواجب ذکره والتأکيد عليه خلال المواجهات الخاسرة التي خاضها البعض من الرٶساء العرب المستبدين في حکمهم ولاسيما بعد أن طفقوا يخطون خطى أکبر من حجمهم الضئيل في عالم لاترحم المصالح الدولية أحدا فيه، غير إن سوق ذکر هذا القول والتأکيد عليه لايزال رائجا على أفضل مايکون، ولاسيما لو نظرنا الى ماقد آل به الامر بکل من نظام الملالي في إيران ونظام المتدثر بدثار سلاطين بني عثمان في ترکيا.

نظام الملالي الذي لاتوجد دولة في العالم تحسده على أوضاعه الوخيمة التي وصل إليها ولاسيما بعد أن ضربه أربعة زلازل شعبية ودخلمن جراء مشروعه التوسعي في نفق مظلم لاخروج منه إلا بعد أن يعود الى حجمه الطبيعي ويعلن إفلاس مشروعه، أما أردوغان الذي وعلى العکس من نظام الملالي کانت له بداية إيجابية تنفس فيها الشعب الترکي الصعداء بعد تحسن أوضاعه الاقتصادية بصورة غير مسبوقة، ولکن وعندما إستدار أردوغان بزاوية حادة جدا عن مبادئه الاسلامية ذات الطابع البراغماتي وخالجته مشاعر الحنين لهيبة السلاطين العثمانيين خصوصا وبعد أن صارت الکثير من الاقلام والاوساط العربية والاسلامية تثني وتشيد به بصورة کانت کافية لتجعله يسبر أغوار التأريخ لکي يعود في حلة سلطان عثماني في القرن الواحد والعشرين، وهذا الامر دفعه لکي يسير على خطى مشابهة لخطى الملالي وأن يبدأ بالعمل من أجل فرض وصايته على الامة الاسلامية کما فعلها من قبله نظام الملالي الذي يلقب المرشد الاعلى بولي أمر المسلمين ويبدو إن الامة الاسلامية من دون کل الامم لوحدها عليها أن تعود القهقري الى الوراء وتقدم ولاء الطاعة والخضوع من جديد لمغامرين جدد ولکن في عصر لايمکن أبدا أن يتحملهم!

هذه المقدمة ذکرتها والتي وجدتها ضرورية من أجل فهم ماقام به الرئيس الترکي من إقحام أنفه في الملف السوري والذي يبدو إنه لن ينتهي على خير بالنسبة له وکذلك إقحام أنفه في الملف الليبي بعد الحجة المثيرة للسخرية بشأن الحديث عن الاتراك الليبيين، والذي يجب أن نلاحظه بأن أردوغان وفي الملفين يواجه خصما عنيدا هو الرئيس الروسي بوتين الذي کما هو واضح قد جعل من سوريا وليبيا مسرحا وأرضية لإعادة مجد روسيا القيصرية وشيئا من دور ونفوذ الاتحاد السوفياتي، وإن أردوغان الذي سبق وإن لوى بوتين ذراعه في حادثة إسقاط الطائرة الروسية وجعله يدفع ثمن ذلك غاليا، فإنه لن يقف مکتوف الايدي أمام"هلوسات"أردوغان في سوريا وليبيا، وإنه"أي أردوغان"، لو فعلها وذهب أبعد مما هو عليه الان في سوريا وليبيا وأعلن حربه بهذا الصدد، فإنها لن تنتهي إطلاقا کما کان الحال مع"حرب مورفي"، ذلك الفلم الذي کانت تدور أحداثه أثناء الحرب العالمية الثانية ومثله الممثل القدير بيتر أوتول وکان ضابطا طيارا حيث رفض الاوامر الموجهة له بإيقاف هجومه على سفينة حربية يابانية وأصر بأنها حربه التي لابد أن ينهيها کما يريد بإغراق تلك السفينة وتم له ماأراد، ذلك إن أردوغان لو شن حربه المنتظرة في أدلب ضد قوات النظام السوري، فإنه سيکون کالسفينة اليابانية حتما وليفعلها إذا شاء ويرى!