مجدداً لا بد من التأكيد على أن من حق "الأشقاء" الأكراد، أو "الكرد"، أولاً في تركيا ثم في العراق وإيران وحيث لهم وجود فعلي في هذه الدول، أن يقرروا مصيرهم بأنفسهم كغيرهم وأن تكون لهم دولتهم المستقلة وبخاصة وأنه قد مرّ على إنهيار "الأمبراطورية" العثمانية أكثر من قرن كامل وأنه أصبح للعرب ليس دولة قومية واحدة وإنما دولاً كثيرة إن في آسيا وأيضاً إن في القارة الأفريقية.

كانت المحاولة الأولى لإقامة دولة كردية في عام 1946 في "مهاباد" الإيرانية وكان الخطأ الفادح الذي إرْتُكب إن تلك الدولة، التي لم تدم إلا نحو إحدى عشر شهراً كانت نتيجة صراع بين الإتحاد السوفياتي والولايات المتحدة وأنه تم إعدام رئيسها قاضي محمد في 31 مارس 1947 في حين أن مصطفى البارزاني الذي كان هو قائدها الفعلي قد إنسحب ببعض قواته إلى روسيا السوفياتية.

إن المعروف أن مشكلة الأكراد تكمن في أنهم نتيجة عوامل كثيرة باتوا بعد الحرب العالمية الأولى موزعين بين تركيا وسوريا والعراق وإيران وأرمينيا وبعض الدول الأخرى وأنهم بقوا يحاولون، وبخاصة "العراقيون" و"الإيرانيون" منهم، إقامة كياناتهم القومية الخاصة بهم لكنهم وبعد كل هذه السنوات الطويلة وعلى مدى قرن كامل لم يستطع إلا من هم في كردستان العراقية من إنشاء حكم ذاتي بقي يقترب في الكثير من الأحيان من وضعية الدولة المستقلة.

وحقيقة أن المفترض أن أكراد تركيا، الذين لا يزال رمزهم وزعيمهم عبدالله أوجلان منذ فبراير عام 1999 نزيل أحد السجون التركية،والذين كانوا قد شكلوا حزب العمال الكردستاني – التركي الذي يعتبره الأتراك إنفصالياً والذين تشير بعض التقديرات إلى أن عددهم قد تجاوز العشرين مليونا، قد حققوا ولو حكماً ذاتياً في مقاطعتهم التي تعتبر مدينة ديار بكر عاصمتها.. لكنهم ولعوامل وأسباب كثيرة لم يستطيعوا تحقيق ولو الحد الأدنى في هذا المجال.

وهكذا فإنه من حق هذه الأمة الكردية، إن في تركيا وإن في إيران وأيضاً إن في العراق وبعض الدول الأخرى أن تقرر مصيرها بنفسها وأن تكون لها دولتها القومية أو دولها الإقليمية أسوة بشعوب ودول هذه المنطقة لا بل ودول العالم بأسره.. أما أن يكون هذا الشعب موزعاً بين هذه الدول ومحروماً مما حصل عليه غيرهم من حقوق فإن هذا غير جائز على الإطلاق وبخاصة وأن القرن الحادي والعشرين قد قطع حتى الآن عقدين من سنواته الطويلة.