بنيامين نتانياهو انتصر بشكل شخصي إلا أنه بعيد حاليا عن تشكيل ائتلاف حاكم في هذه المرحلة وقد يجد نفسه خارج لعبة التكليف بتشكيل حكومة بأمر المحكمة العليا لأنه سيمثل أمام المحكمة كمتهم في قضايا فساد جنائية.
بيني غانتس من الناحية الأخرى فشل في استقطاب الناخبين الوسطيين او اللامبالين ولن يستطيع تشكيل حكومة بدون العرب اما نتانياهو فلن يستطيع ذلك بسبب العرب.

المعروف أن القائمة العربية المشتركة والتي تضم كل التيارات العربية داخل إسرائيل حصلت على إنجاز غير مسبوق وهي القوة الثالثة في البرلمان الإسرائيلي ونسبة تصويت الجماهير العربية للقائمة فاقت تسعين بالمائة ممن أدلوا بأصواتهم في القرى والمدن والبلدات العربية في اسرائيل.

نتانياهو كان وعلى طول الخط يحاول التحذير من قوة العرب المتنامية في اسرائيل والتي صورها على أنها خطر على "كيان الدولة اليهودية" وبهذا التحريض عليهم وعلى اليسار الذي وبحسب دعايته الانتخابية سيقدم الدولة للعرب، اخرج مصوتين يهود من بيوتهم لإنقاذ "البيت القومي" لليهود على حد تعبيره، فالخوف من العرب هي ورقة نتانياهو الرابحة دائما.

من جهة أخرى بيني غانتس واقطاب حزب ازرق ابيض انجروا هم أيضا للعبة "الأغلبية اليهودية" والعنصرية ضد العرب وأعلنوا انهم سيشكلون حكومة بأغلبية يهودية الأمر الذي كان وما زال مستحيلا بسبب الاستقطاب الحاصل في المجتمع الإسرائيلي واليهودي تحديدا، لذلك نرى أن اليسار وأنصاره وربما الكثير من الوسطيين فضلوا عدم التصويت او دعم نتانياهو لأنه الاصل وليس التقليد في العنصرية والتحريض على العرب في اسرائيل.

انتخابات ثالثة مثيرة جدا في اسرائيل ونتائجها تشير إلى أزمة عميقة بين اليمين والوسط واليسار وبكلمات أخرى بين الشرقيين ( اليهود العرب) والغربيين (لأشكناز) في دولة إسرائيل اليهودية إذ نرى الشرقيين يلتفون حول نتانياهو العنصري والمتهم بقضايا فساد جنائية والابتعاد عن بيني غانتس وأركان حزبه الاشكناز بأغلبيتهم والذين حظوا بدعم الغربيين فقط، فمقرب جدا من نتانياهو قال بشكل واضح ان الليكود ونتانياهو يتغذيان من الكراهية المستشرية عند الشرقيين للاشكناز الغربيين وهذا ما سيجلب لهم النصر بالإضافة إلى الترهيب والتخويف من العرب.

العرب من ناحيتهم لم يقفوا على الحياد وفي محاولة لأخذ مكانهم في المجتمع الإسرائيلي والانخراط في مؤسسات الدولة والتأثير على صنع القرار وبعيدا عن الشعارات القومجية خرجوا بمئات الآلاف لاختيار القائمة المشتركة التي وعدت بالعمل من أجل قضاياهم اليومية وتحصيل الحقوق في بلد يدعي الديمقراطية والمساواة ويبدو أن هذا الكم الهائل من الأصوات يشير إلى التغيير في تعامل العرب مع الدولة والاعتراف بمواطنتهم فيها والمطالبة بحقوقهم المدنية والقومية.

الخلاصة اننا بصدد تطورات لافتة وغير اعتيادية في اسرائيل في ظل عدم تمكن اي من الحزبين الكبيرين تشكيل حكومة بدون العرب فالليكود ونتانياهو لا يستطيع ذلك بسببهم اما ازرق ابيض وبيني غانتس فلن يستطيع بدونهم.