ربما أن الذين ذهبوا إلى دمشق "زحفاً" أو "هرولة" للإستنجاد بها ضد رجب طيب أردوغان، الذي قفز من فوق رؤوسهم ووصل إلى ليبيا، لا يعرفون أو هم يعرفون ولكنهم أرادوا التعلق بحبال الوهم أن بشار الأسد بحاجة إلى من يستنجد بهم وليس إلى من يستنجدون به وأنه لولا "الرفاق" الروس والإخوة الإيرانيين لكان قد "شمّع الخيط" باكراً وأختار مكاناً قصياًّ يأوي إليه ويختبىء فيه هرباً من "إستحقاق" يعرف أنه عليه أن يدفعه إن ليس في المدى المنظور فبعد فترة طويلة.
لقد كان على "زوار" دمشق، في هذه الظروف العصيبة أن يدركوا سلفاً أنه ينطبق على "الفيحاء"، والمقصود هنا هو نظامها، ذلك المثل القائل:"العين بصيرة واليد قصيرة" وأنه لا سيطرة لجيش وأجهزة هذا النظام حتى على "الصنمين" في ضواحي العاصمة السورية ولا على درعا والسويداء وأنه لو كان بإمكان بشار الأسد "إنجاد" أحد لكان أنجد أهل هضبة الجولان المحتلة ولكان إستعاد سيطرة ما قبل عام 2011 على حلب وحماة..وأيضاً حمص ومناطق شرقي الفرات كلها.
لقد كان الأحرى بـ "المستنجدين" وطالبي العون من الأسد إن لمواجهة رجب طيب أردوغان وإنْ لمواجهة الذين يحاولون إعتراض مياه النيل كي لا تصل "كاملة" وكالعادة إلى مصبها الأخير في البحر الأبيض المتوسط أن يدركوا أن هذا النظام البائس في دمشق بحاجة إلى من ينجده.. وحقيقة أن النجدة الروسية كانت وصلت إليه فعلياًّ وعمليا في عام 2015 وإلاّ لكان الآن في خبر "كان" كما يقال!!.

ويقيناً أنه ينطبق على هؤلاء الذين ذهبوا إلى دمشق للإستنجاد، بها بينما ظروفهم أفضل بألف مرة من ظروفها، بيت الشعر العربي القائل:"كالمستجير من الرمضاء بالنار" وكان الأفضل لهؤلاء أن يستنجدوا بـ "الرفيق السابق" فلاديمير بوتين الذي من المؤكد أنه لن يستجيب لهم طالما أنه مرتبط مع الرئيس التركي بإتفاق توزيع غنائم وتبادل أدوار وعلى أساس :"حُكْ لي ..أحِكُّ لك" .
والمفترض بالمعنيين بهذا الكلام، بدل هذا الإستجداء كله الذي لن يزيد من باتوا يسيطرون على معظم دول هذه المنطقة إلا سيطرة، أنْ يبادروا ولو بخطوة أولى للملمة هذا الشمل العربي المبعثر وحقيقة أن الخطوة الأولى يجب أنْ تأتي من الشقيقة الكبرى التي من المفترض أن تكون الدولتين المتمردتين عليها بالنسبة لمياه النيل تحت جناحيها وكما بقي الوضع سائداً خلال كل حقب التاريخ المتلاحقة "ومن عهد مينا إلى عهد عمرو إلى عهد جمال" وأيضاً إلى هذا العهد الذي إذا أردنا قول الحقيقة فإنه من أقوى العهود المصرية وأفضلها.