سيظل شهر أذار شاهدًا على وحشية النظام البعثي الفاشي:
الجميع يعرف بأن مجزرة حلبجة وما تم الكشف عن فصولها الدموية لايمكن وصفها الا بجريمة العصر ( الإبادة الجماعية )التي اُرتكبت بحق اهالي حلبجة في (16, 17 ,18 ) أذارـ عام الانفال , والتي راح ضحيتها الألاف من ابناء حلبجة العزل اغلبهم من الاطفال الرضع والشيوخ والنساء وعلى يد اعتى نظام حَكَمَ العراق بالحديد والنار ,منذ اغتصابه واستلامه السلطة في شباط الاسود عام 1963 الى يوم سقوطه.

وبما اننا نستذكر اليوم معأ هذه الذكرى الاليمة, اطرح على الجهات المعنية في اربيل وبغداد السؤال الذى سبق أن طرحناه عليهم مراراً وتكراراً وفي مناسبات عديدة, إلا أنهم لم يجيبونا عليه لحد هذه اللحظة, السؤال هو:

ماذا فعلت بغداد واربيل خلال كل هذه السنين لضحايا مجزرة حلبجة الذين يعانون من الامراض المزمنة والقاتلة نتيجة التلوث وتاثير السموم والمبيدات الصدامية القاتلة عليهم ؟ ماذا فعلت حكومة إقليم كوردستان لمعالجة الامراض والعاهات المزمنة والتي نسبتها في ازدياد مريع وخاصة بين النساء والاطفال ويتوقع ايضا ان تزداد نسبة الاصابات بتلك الامراض والعاهات المزمنة في السنوات المقبلة بنسب عالية وذالك نتيجة التلوث وتاثير السموم والمبيدات على البيئة , كما يخشى الاطباء( المحليين والدوليين ) من ان يكون الناجين من الاسلحة الكيمياوية قد اصيبوا بتشوهات جينية على سبيل المثال لا الحصر (الطفرة الوراثية التي تنتقل من جيل الى جيل والتي يفقد المصاب فيها القدرة على حركة العضلات والاعصاب).

اضافة إلى الأمراض والعاهات المزمنة الاخرى الناتجة عن تاثير تلك المبيدات القاتلة و التي ادّت بدورها إلى إضعاف المناعة لدى الفرد المصاب بتلك الغازات السامة بعد عقود من إستخدامها حيث تظهر الان تاثيراتها المباشرة بشكل واضح وجلي على أهالي حلبجة المنكوبة والمتضررة من سياسة القمع والاضطهاد والإبادة الجماعية ورش المبيدات والاهمال المريع في ظل حكومة الإقليم والحكومة العراقية.
حلبجة تتعذب تتألم تصرخ لشدة ألامها:
ان قبور الضحايا في حلبجة المنكوبة وارضها المليئة بالزنابق والبنفسج والرياحين والنرجس والازهار البرية المحروقة والمتناثرة التي يداعبها نسيم الصباح ويقبلها رذاذ المطر وتراقصها احلام الاطفال الذين قتلوا قبل 32 عاماً وناموا نومتهم الابدية في ساحات اللعب وامام عتبات دورهم وفي ملاعبهم الترابية الصغيرة وفي الشوارع وامام الدكاكين وفي ساحات المدارس , قبورهؤلاء الضحايا ليست بحاجة إلى ازهارولا اكاليل غارولا خطابات بهلوانات العصر ولا وعوداتهم الكاذبة ,وانما ينتظر اهاليهم بفارغ الصبر تحقيق العدل وفي المقدمة تنفيذ ما اقرّت به المحكمة الجنائية العراقية العليا في قضية حلبجة والانفال (حسب قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا رقم 10 لسنة 2005 المعدل ) بحق ( المتهمين المطلوبين والهاربين من رؤساء أفواج الدفاع الوطني , المعروفين شعبيا باسم ( الجحوش) (1 ) اسوة بكبار ازلام النظام الصدامي الذين قاموا بجرائم (القتل العمد)(1) و(الاخفاء القسري)(2 ) و(النقل القسري )(3 ) والاعتقال والحرمان والاضطهاد واغتصاب القاصرات و إلحاق التدمير الكلي للبنية التحتية الكوردستانية بعد ان استندت المحكمة في إصدار حكمها عليهم إلى اطنان من الادلة القاطعة والوثائق( المقروءة والصور والوثائق الصوتية) والكتب الرسمية والرسائل الموجهه إلى سيء الذكر صدام حسين من قبل (ابطال وأشاوس ) الأنفال ومنه إلى كبار رموز القيادة الميدانية الذين كانوا يتلقون الاوامر مباشرة من (صدام و علي الكيمياوي ) , ومحاكمتهم محاكمة عادلة وشفافة وعلنية على ما اقترفوه من جرائم حرب ومجازر دموية بحق كوردستان ارضأ وشعبأ .

في هذه المناسبة الحزينة لم يبقى لي الا ان اقول : في الذكرى السنوية للإبادة الجماعية : اهالي حلبجة المنكوبة ينادون ويطالبون ويصرخون لانقاذها من مأساتهم .. فهل من مجيب ؟
ــــــــــــــــــــــــــ

(1 ) اصدرت المحكمة الجنائية العراقية العليا في عام 2007 قرارا باعتقال ( 460 ) متهما بقضية الانفال، بينهم (258 )متهماً من (مستشاري ورؤساء افواج الدفاع الوطني ـ افواج الجحافل الخفية ـ وامراء السرايا والمفارز الخاصة )من البعثيين الكورد ,ولكن لحد هذه الحظة لم يتحرك الجهات التنفيذية في إقليم كوردستان بتعقب المتهمين بقضية الانفال واعتقالهم ( .ومن الجدير بالذكر ان عدد الجحوش بلغ اكثر من (450 ) الف مسلح (وفق صحيفة الثورة الصدامية الصادرة في 21 /3/ 1985 ) .

(2 ) تعتبر جريمة القتل العمد كجريمة ضد الانسانية وفق أحكام المادة (12 اولا أ) وبدلالة المادة (15 اولا وثانيا وخامسا) من قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا رقم (10) لسنة 2005 المعدل، وحددت العقوبة وفق احكام المادة (406/1/أ، ز) وبدلالة مواد الاشتراك (47، 48، 49) من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 المعدل استدلالا بالمادة (24) من قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا.
(3 ) تعتبر جريمة الاخفاء القسري للسكان المدنيين كجريمة ضد الانسانية وفقا لأحكام المادة (12 اولا ظ) وبدلالة المادة (15 اولا وثانيا) من قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا رقم (10) لسنة 2005 وحددت العقوبة وفقا لأحكام المادة (421) وبدلالة مواد الاشتراك (47، 48، 49) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 المعدل واستدلالا بالمادة (24) من قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا رقم (10) لسنة 2005.
(4 )تعتبر جريمة النقل القسري للسكان المدنيين كجريمة ضد الانسانية وفق احكام المادة (12 اولا د) وبدلالة المادة (15 ثانيا أ، ب، ج) والبند ثالثا ورابعا من قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا رقم (10) لسنة 2005 وحددت العقوبة استنادا لأحكام المادة (478) من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 المعدل استدلالا بأحكام المادة (24) من قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا رقم (10) لسنة 2005 المعدل وبدلالة مواد الاشتراك (47، 48، 49) من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969.