قد يتبادر للذهن سؤال مهم وهو كيف لا يستطيع عالمنا العصري مواجهة فايروس الكورونا مع انه يمتلك تقنيات متطورة جدا كانت تعتبر مستحيلة في السابق؟ هذا سؤال بسيط لكل مواطن عادي في جميع انحاء العالم وبالرغم من بساطة السؤال الا ان الإجابة معقدة وشبه مستحيلة.

في عالمنا العصري هذا لم يواجه العالم بأكمله وباءا او خطرا بمستوى فايروس الكورونا هذا، فقد كانت هنا وهناك في القارة السوداء او الشرق الأقصى بعض الأوبئة التي تم التعامل معها موضعيا والقضاء عليها مثل الايبولا والسارس ولان تلك الأوبئة كانت محددة المنشأ وتركيبتها الجينية معروفة وانحصرت في مناطق معينة ولم تكن قابلة للانتشار والانتقال الى مناطق أخرى فكان من السهل، نسبيا، معالجتها.

الكورونا المتجدد يختلف عن سابقيه بانه فايروس غير معرف وتركيبته الجينية غير معروفة وربما يكون مركبا ضمن بحوث وتجارب علمية او بيولوجية أخرى, لكن الأهم في هذا الامر هو الاستعداد او التحضير او التدريب على وضع كوضع العالم هذه الأيام, فجميع دول العالم دون استثناء تأخذ في حسابات الطوارئ, الحرب العادية أو الحرب النووية وتستعد أحيانا لكوارث طبيعية مثل الهزات والبراكين وتسونامي وغيرها, وتبقى الاستعدادات في اماكن مهيأة لمثل تلك الأمور الا ان وباء الكورونا او بالأحرى فايروس الكورونا هاجم كل العالم على كل الكرة الأرضية دون استثناء وبدون استئذان او تحذيرات وبدون ان يكون مثل هذا الوباء في حسابات أي دولة او كيان فلا توجد دولة واحدة مهيأة لمواجهة وباء مثل هذا والسبب ان أحدا لم يفكر في هذا الامر وان شيئا بسيطا مثل فايروس لا يمكن رؤيته الا بعدسات مكبرة في افضل مايكروسكوب علمي وفي احدث المختبرات بالعالم, قد يسبب هذه الحالة من الجمود والتعطيل وإيقاف الطيران واغلاق الدول وتعطيل التجارة والصناعة وكل المرافق.

الدول الأكثر تطورا كانت الأكثر تأثرا ونرى العالم يقف عاجزا عن صد هذا الفايروس والذي قد يكون بفعل حرب بيولوجية او خطأ مخبري او فايروس قوي خرج الينا من حيوان وانتقل بهذه السرعة والقوة بسبب العولمة وسرعة تنقل الانسان في الكرة الأرضية.

وتقتصر مواجهة الفايروس على تعليمات بديهية للنظافة والابتعاد عن التجمعات والعمل على تعقيم المرافق وتعليمات بالحجز المنزلي ومنع التجوال أحيانا واسداء نصائح عامة بديهية جدا أصبحت وكأنها باب الخلاص، وقد ظهرت غالبية مؤسسات الصحة العالمية عاجزة عن سد احتياجات الناس والمصابين بالرغم من ان الطب الحديث وصل الى درجات عالية جدا من المعرفة وإيجاد الدواء تقريبا لكل داء.

مهما يكن من امر فالعالم اليوم يقف عاجزا عن هزيمة فايروس فتاك بالرغم من التقدم الهائل في الطب والاختراعات كما وقف العالم عاجزا عن صد مرض الطاعون بين العامين 1918 و1920 والذي راح ضحيته آنذاك نحو 100 مليون انسان في انحاء المعمورة.

حتى الان عدد المصابين والوفيات في العالم مقارنة بعدد السكان هو لا شيء الا ان الخبراء يؤكدون ان نحو نصف سكان المعمورة سيصابون بالفايروس والسؤال الذي يطرح نفسه كم منهم سيخرج سالما؟ وهل يصل الطب الحديث الى حل للوباء ام ان ما صنعه الانسان سيكون ما سيقضي عليه في نهاية المطاف؟ اولم يحن الوقت لتتضافر جهود الدول في مجالات الطب والاقتصاد بدل الحروب والطائرات والحروب الالكترونية والحروب بالوكالة وتضليل الشعوب والناس بخرافات وروايات عن تاريخ مجيد او عظمة الجيوش والجحافل؟

أسئلة كثيرة تدور وتخرج الى فضاء الكرة الأرضية من مواطنين عاديين وبسطاء كل همهم هو تأمين حياة كريمة، ويبقى الجواب عليها معقدا وربما مستحيلا في عصرنا هذا!