تمتلك السياسة الخارجية الاماراتية، منذ تأسيس دولة الاتحاد على يد المغفور به بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ثوابت معروفة ومنظومة راسخة من القيم والمبادىء، التي تمضي عليها القيادة الرشيدة في عهد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ ومن ذلك البعد الانساني الذي جعل من الامارات عاصمة العمل الانساني عالمياً، بحكم تفاعلها الدائم مع جميع الشعوب شرقاً وغرباً في حالات الطوارىء، وأوقات المحن والأزمات والكوارث من دون تفرقة بين لون وجنس وعرق.

الامارات رائدة العمل الانساني عالمياً، هي الدولة الأكثر عطاء في العالم، وتحتل مرتبة متقدمة عالمياً قياساً لنسبة مساعداتها الخارجية لدخلها القومي، وتؤكد الاحصاءات أن المساعدات الإنسانية والتنموية التى قدمتها دولة الإمارات للعديد من دول العالم قد بلغت 34 مليار دولار خلال الفترة من 2013 حتى بداية العام 2019، واستفاد منها ملايين اللاجئين والنازحين فى أكثر من 100 دولة حول العالم وشملت جميع القارات. كما تجاوز إجمالي قيمة المساعدات الخارجية للدولة، الـ28.5 مليار درهم، واستهدف 42 بلداً، خلال العام الماضي فقط، بينما بلغت القيمة الإجمالية للمساعدات التنموية المقدمة من الدولة على مدار السنوات الخمس الماضية نحو 108 مليارات و72 مليون درهم، ونصف هذه المساعدات يذهب للدول الأقل نمواً في تجسيد واضح لالتزام الامارات بالقضاء على الفقر في العالم.

هذه المؤشرات تؤكد مدى تجذر البُعد الانساني في السياسة الخارجية الاماراتية، ويثبت أن تقديم المساعدات الانسانية والانمائية، ومن أروع الدلائل على ذلك ما حدث مؤخراً من مبادرة دولة الامارات لتقديم مساعدات طبية عاجلة للشعب الايراني بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، في إطار تعاون دولة الإمارات مع الدول التي تشهد تفشي فيروس كورونا المستجد و من أجل تعزيز الجهود العالمية للحد من انتشاره.

وإذا كانت المساعدات الطبية التي قدمتها الامارات إلى إيران هي تجسيد لقيم ومبادىء المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، فهي أيضاً تأكيد على التزام الدولة بالعمل من أجل خدمة المصالح الانسانية المشتركة وتقديم يد العون للشعوب في مواجهة المحن والكوارث الانسانية التي يواجهها العالم أجمع، وذلك جزء أساسي من التزام الامارات بالشراكة العالمية والحفاظ على أمن واستقرار العالم في مواجهة مختلف التهديدات ومن بينها التهديدات والكوارث الناجمة عن تفشي الأوبئة والأمراض.

ولاشك أن القيادة الاماراتية تدرك جيداً أهمية الترفع عن الخلافات السياسية في أوقات الأزمات التي تعانيها الشعوب، وتعمل جاهدة على أن تمد يد العون لكل محتاج أو مأزم بغض النظر عن طبيعة العلاقات التي تربط الدولة بأنظمة الحكم، لتجسد بذلك أحد أنبل وأروع نماذج الممارسة السياسية الرشيدة التي يحتاجها العالم في العصر الحديث، فالامارات وطن الانسانية الذي ينشر التعايش والتسامح بين بني البشر لا يمكن إلا أن يتصرف في أوقات المحن والأزمات بما يحلم به الانسان في كل مكان، وهكذا فعلت قيادة الامارات حينما أمرت في الرابع من مارس بإجلاء 215 من رعايا الدول الشقيقة و الصديقة من مقاطعة هوبي الصينية إلى مدينة الإمارات الإنسانية في أبوظبي حيث يتلقون الرعاية الطبية اللازمة قبل عودتهم إلى ديارهم. وهكذا تصرفت الامارات أيضاً حينما بادر وزير الخارجية سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان بإجراء اتصال هاتفي مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، قدم فيه التعازي لضحايا فيروس "كورونا" مؤكداً دعم دولة الامارات للشعب الايراني من أجل تجاوز هذه المحنة، و دعا فيه إلى العمل المشترك في مواجهة فيروس كورونا المستجد، في مبادرة تترفع عن الخلافات السياسية وتعلي شأن القيم والمبادىء في العلاقات الدولية لتقدم بذلك درساً بليغاً للعالم أجمع في إدارة العلاقات بين الدول وفق منظومة ثابتة من القيم والمبادىء.

وهكذا تتصرف الامارات دوماً في أوقات الازمات والمحن وفق منظومة عمل يمكن التنبؤ بمخرجاتها، التي تخضع لمعايير راسخة من السلوكيات الانسانية النبيلة التي تمرست عليها قيادة الامارات وتشبعت بها في مدرسة الشيخ زايد، فالأولوية المطلقة هي للانسان أينما كان، والمبادرة السريعة تتجه دوماً لانقاذ البشر في أوقات الأزمات والكوارث، حيث لا صوت يعلو في مثل هذه الظروف في إمارات الخير والعطاء فوق صوت العمل الانساني والفعل الخيري والانمائي.

دائماً ماتضرب الامارات المثل والقدوة في تقديم الوجه الانساني النبيل للعلاقات الدولية، ودائماً ماتقدم النموذج في إعلاء علاقات الشعوب فوق ماعداها من خلافات وتوترات سياسية، ولاشك أن العالم يحتاج إلى جرعات كبيرة من مثل هذا النموذج وتلك السياسات للتخلص من أجواء العداء والصراع والكراهية البغيضة التي تنشرها بعض الدول والأنظمة حتى في أوقات المحن والأزمات.