لو كان التمنّي يحلُّ هذه المشكلة لتمنّى العرب كلهم وبصدق أن يدفع الله جلّ شأنه وباء "كورونا" بعيداً عن سوريا إذْ أنّه يكفيها ما فيها، كما يقال، فبعد أكثر من تسعة أعوام دامية بات هذا البلد العزيز على قلب كل عربي صادق ممزقاً وتجثمُ على صدره كل هذه الإحتلالات.. الإحتلال الروسي والإحتلال الإيراني والإحتلال التركي وبالطبع الإحتلال الإسرائيلي .. وأيضاً الأميركي وإحتلال "داعش" وباقي الفصائل الإرهابية التي باتت تشكل دويلات مسلحة داخل "القطر العربي السوري"!!.

والمضحك حقاًّ أنّ بشار الأسد قد رفع راية مواجهة "كورونا" وأنه إقتداءً بالدول العربية وبدول العالم بأسره قد طلب إقفال أبواب المدن السورية والإنكفاء على نفسها وهذا مع أن الحكومة السورية قبل أيام قليلة قد أنكرت أي وجود لهذه الآفة المرعبة على الأراضي السورية وبالطبع فإنّ المقصود هو دمشق لأنّه لا سيطرة فعلية لهذا النظام إلاّ على بعض أجزاء من هذه المدينة العظيمة التاريخية.

عندما صدر بيان إغلاق أبواب المدن السورية في وجه هذه الآفة المرعبة كان الإقتتال محتدماً في درعا وعلى أبواب دمشق والعديد من مناطق حوران وبالطبع فإن المعروف أن معظم المدن السورية خارج سيطرة هذا النظام وأنّه لولا التدخل الروسي والتدخل الإيراني لكان وضع بشار الأسد قد إنتهى ولكانت الأوضاع العربية غير هذه الأوضاع التي أقلّ ما يمكن أن يقال فيها أنها بالفعل مأساوية.

هناك الآن أكثر من ثمانية ملايين سوري باتوا خارج وطنهم عملياًّ ثمّ وأنّه بالإمكان القول أن هذا البلد العربي محتلٌ بالفعل وأنه يخضع لإحتلالات كثيرة وأن وباء "كورونا" كان متغلغلاً حتى دمشق وحقيقة أنّ الإعتراف بهذا ليس عاراً ولا عيباً طالما أنّ هذه الآفة باتت تتسرّب في شرايين العالم كله وأنّه حتى الولايات المتحدة بإمكاناتها الهائلة باتت تستجدي المساندة حتى من الصين التي كان الرئيس ترمب يتهمها قبل أيام قليلة بأنها هي من أطلق "كوفيد19 "!!.

إنه لا عيب في إعلان الإستنفار ومبكراًّ ضد هذه الآفة التي باتت تجتاح الكرة الأرضية كلها طالما أن "كورونا" قد فعلت فعلها في الدول الأوروبية كلها وطالما أنها عبرت المحيطات ووصلت إلى الولايات المتحدة .. والآن فإنه عندما يصدر قرارٌ من دمشق بإقفال أبواب المدن السورية في وجه هذه "الآفة" بعد طول إنكار لوجودها فإنّ هذا أقلّ ما يمكن أن يقال فيه هو أنه مضحكٌ بالفعل إذْ أنّ المفترض أن يصدر هذا القرار عن الروس والإيرانيين وأيضاً عن الأتراك وعن الإسرائيليين الذين طال أمد إحتلالهم لهضبة الجولان السورية.