الفاتح من أبريل من كل عام يشكل مادة دسمة للتفنن في نقل الأخبار والمفاجآت الكاذبة التي من شأنها أن تتسبب في قلب حياة الكثيرين، قد تشكل صدمة لهم فمن الكذب ما قتل، ظنا منهم أنها تسلية للضحك واختبار ردة فعل ضحايا هذه الكذبة والسخرية منهم.
تقول الروايات أن كذبة نيسان،بدأت في فرنسا عقب بداية العمل بالتقويم المعدل الذي وضعه شارل التاسع عام 1564م، فعملت فرنسا آنذك بهذا التقويم وكانت احتفالات رأس السنة تبدأ في يوم 21 مارس وتنتهي في الأول من أبريل، فكان الكذب جائزا لدى ثقافة الشعوب في أوروبا، باستثناء الإسبان والألمان، فهو يوم مقدس دينيا لإسبانيا، وفي ألمانيا يوم ميلاد الزعيم "بسمارك".

*دور الإعلام في مواجهة الكذب وعدم الترويج له*

إن الإعلام مهنة أساسها تحري الصدق في نقل الأخبار وكشف الحقائق، وإلا فقد مصداقيته، لذلك يعمل جاهدا على كسب ثقة الناس من خلال تقريب الواقع منهم ونقله إليهم كما هو دون زيادة أو نقصان.
والأول من أبريل، للأسف اقترن بما يسمى كذبة نيسان، ويتم الترويج لها عبر العالم بمجموعة من الأخبار غير حقيقية وصادمة لغرض التسلية والترفيه، باستخدام مختلف الطرق الملتوية، والتي تبدو في ظاهرها حقيقية، فيتم حبك الخبر بطريقة لا تدع الشك، ويتم نشرها دون النظر في النتائج الوخيمة التي تسببها تلك الأكاذيب.

إن الإعلام هو مهنة المتاعب لأنه يتقصى الحقائق والأخبار، ويكشف الصحيح منها من المزيف، لذلك فإن حياة الإعلامي معرضة ومهددة بالأخطار في سبيل الحقيقة وحدها، لذلك يحظى بمكانة كبيرة في المجتمعات والأمم، يقول إدوارد اغلستون: في أمريكا يحكم الرئيس أربع سنوات، أما الصحافة فتحكم للأبد.
وعليه فإن على الإعلاميين مهمة كبيرة في التصدي لما يسمى كذبة أبريل، بتوضيح مساوئه وآثاره السلبية على الفرد وانعكاسه الخطير على المجتمع من خلال زعزعة استقراره وتفكيكه.

*العالم في مواجهة كورونا..حقيقة مؤلمة مع أمل خير من ألف كذبة مفرحة*

يحل شهر أبريل هذا العام وأغلب الناس عبر أصقاع العالم يقضون جل وقتهم في الحجر المنزلي، نتيجة فيروس كورونا الذي تسبب في حالة هلع كبيرة، ربما ما يتمناه كثيرون أن يستيقظوا على أن كورونا كذبة نيسان لهذا العام، وتنتهي هذه الأيام العصيبة، نعم، العالم أصبح يستيقظ على أخبار ارتفاع عدد المصابين وضحايا هذا الفيروس القاتل وينامون على نفس الموضوع، روتين مليء بالتوتر والقلق والخوف، ومع ذلك العالم يترقب بنظرة أمل أن تتحقق المعجزة على أيدي الأطباء في العالم باكتشاف لقاح أو عقار لعلاج المصابين بكوفيد 19، هذه الأخبار وإن كانت مؤلمة لكنها تنقل الواقع كما هو، وهي تدفع الناس للعمل بجدية لمواجهة هذا الوباء، من جهة أخرى فإن أخبار شفاء بعض المصابين بالفيروس تبعث الطمأنينة بأن الشفاء ممكن والعلاج سيكون قريبا، من خلال العمل المشترك بين شرائح المجتمع المختلفة، فالحقيقة وحدها هي التي تعالج المشاكل والتحديات رغم قساوتها وألمها، والكذبة مهما كانت تبقى مرة لا تحل المشاكل بل تصب الزيت على النار، وتزيد في توتر الأوضاع، لذلك أقول: حقيقة مؤلمة مع أمل، خير من ألف كذبة مفرحة.

*كاتبة وإعلامية جزائرية