لست طبيبا او مختصا بعلوم الفيروسات لكن الحقائق العلمية كلها تؤكد بأن الجنرال كوفيد 19 سيرحل قريبا بأذن الله كما رحلت أوبئة اجتاحت المعمورة والبلدان قديما وحديثا .

صحيح ان هذا الجنرال العتيد كان دخوله ساحة الحرب بطريقة مختلفة من حيث اقتحام بلا استئذان وسرعة انتشاره على ثلاثة ارباع الكرة الارضية وشموليته للجميع الغني والفقير البلد الأعظم والبلد الأضعف لم يفرق او يميز بين الأمم والأجناس على اساس العرق والدين والمذهب بل تحرك هذا الجنرال الشرس باريحية وبلا عوائق جغرافية ولم يحصل على تأشيرة دخول من احد فرض نفسه على الجميع بقوة كضيف مباغت غير مرغوب به وبلا ترتيبات ضيافة مسبقة لذلك كان حصاده مراً وفتك في البشر وحجر الناس في بيوتهم واوقف حركة الطيران والنقل بل شل الحياة.

وبالرغم من كل الخسائر الفادحة التي احدثها فلو قيس بجوائح سابقة مثل الانفلاونزا الاسبانية او ايبولا فهي خسائر مقبولة من حيث التوقع لكن ما هو الدرس الذي يجب ان تستفيد منه البشرية جمعاء بعد ان وحدها بعد فرقة طويلة وكما قال الشاعر ان المصائب يجمعن المصابينا فنحن امام مشهد مؤلم يتطلب تضافر الجهود حكومات وشركات وافراد رجالا ونساءا لنتضامن سوية من اجل التحضير لليوم التالي لما بعد تلاشي قوة هذا الجنرال كوفيد وجنوده واضمحلاله قريباً جداً.

ليس مهماً ماهو حجم الخسائر في المال والاسهم والاحوال واسعار والبترول فالاهم من ذلك هو ان هذه المعركة كشفت عن عمق واصالة التضامن والوحدة بين البشر في النوازل وهذا يؤشر بأن الابعاد الإنسانية هي جوهر قيم الحياة الباقية مهما كان لون وشكل الصراعات والخلافات فهي سنة من سنن الكون لكن علينا ان ننشر التفائل بأن الإنسانية والعلم قادران على ايجاد حلول لتخطي اثار هذه الجائحة فقد سبقتنا امم واقوام ملكت وسادت ثم بادت الا ان الرصيد الباقي والمتبقي هو ارادة الإنسان الذي خلقه الله ليعمر هذا الكوكب الجميل الذي اشبعناه كاربونات وتلوث وقضينا على التنوع البيئي وأخضرار الطبيعة نحن امام مسؤولية تاريخية ان نعيد تقييم ما حصل بعقلية جديدة وخطط مختلفة بل بروح جديدة فما بعد كورونا لا يشبه ما قبلها فالحياة تتجدد والإنسان قادر على إبتكار حلول وصياغة مبادرات خلاقة تسهم في اعادة الحياة وتنشيط الاقتصاد وزرع الأمل.

نعم الامل هو زادنا وقوتنا فالتفائل من الايمان وطاقة الإنسان وقدراته العقلية لا حدود لها فلنحضر انفسنا للعمل ومجابهة التداعيات بروح العمل الجماعي والتعاون الدولي النشيط فاثبتت الازمة ان لا احد يستطيع العيش منعزلا من دون الاخر وهنا تقع مهمة كبيرة على وسائل الاعلام والفنانون والمثقفون برفد المجتمعات بطاقات ايجابية من العطاء والإبداع الإنساني.

حقيقتاً ان الحكومات لم تقصر في المواجهة وحان دور الافراد في ترتيب اوراقنا وتجهيز ملفاتنا ومشاريعنا الاقتصادية والاجتماعية واعادة تقييم مؤسساتنا التعليمية ومراكزنا البحثية وتقوية مختبراتنا وتطوير صناعاتنا وتعزيز أمننا الغذائي بما يتوافق مع مرحلة جديدة فالثروة لا تنضب كما يقول البروفسور تيري رامسي انما تنتقل من يد الى اخرى والموارد متاحة والعقول تنضح فلنهتف معا نحن مع الحياة من اجل مستقبل أجمل وغد افضل.