ستة إخوة لهم صديق من خارج الأسرة تربطهم به علاقة قوية حتى إنك لا تعرف من هو الذي علاقته اقوى فيهم لهذا الصديق. ومن الجميل أن الصديق له مع كل واحد منهم قصص خاصة قد لا يعلمها الاخوة كلهم، فمن طبيعتهم كتم قصصهم الخاصة بأي علاقة لهم مع أحد. فلا يخبرون بها أحد حتى وأن تم الالحاح عليهم. ولا تمر مناسبة تخصهم إلا وصديق العائلة الأول واقف في الاستقبال يتصرف كأنما هو أحد أفراد العائلة، حتى أن من يأتي ويتساءل عن صلة القرابة بين هذا الرجل والعائلة الفلانية. صدفة وإذا بأحد الاخوة اسمه صالح قد انتابه كره شديد لصديق العائلة سعد وكانت المسألة أنه يكره بأن يجلس في المجلس الذي يجلس فيه صديق العائلة. فمتى يدخل سعد إلى مجلس فإن صالح يخرج من ذلك المجلس مباشرة. أحس سعد بنفور صالح فطلبه بالتلفون يناشده عن نفوره منه فلم يعط جوابا مقنعا.

فبدأ سعد بالابتعاد عن العائلة لكيلا يسبب حرجا لهم، ولكي تهدأ نفس صالح عليه. لكن الأمر استفحل أكثر وأصبح صالح لا يسلم على سعد عندما يقابله ولا ينظر في وجهه. اتصل سعد مرة اخرى بصالح هاتفيا فاغلق الأخير التلفون في وجه الأول وأرسل رسالة له بأن لا يعيد المكالمة على هذا الهاتف ابداً. هنا وصلت الرسالة بأن صالح يبغض سعد بل تحول الأمر إلى حقد وعداوة. وعندما أدخل سعد أحد الأخوة لكي يعرف ما هو السبب لكن صالح بطبيعته كتم ما يخصه ولم يخبر به أي كان. فقرر سعد أن يبتعد نهائيا عن العائلة لكيلا يسبب مشكلة بينهم بسببه.

صادف ان كانت عندهم مناسبة على غذاء في احدى الأقبية، فمن الطبيعي أن يدعى سعد لحضورها باعتباره صديق الاخوة الخمسة سابقا من غير صالح، فلابد من الحضور فهي مناسبة كبيرة قد يضيع فيها سعد. لكن صالح أصر على الاخوة بأن يطرد سعد حالا أو يخرج هو من المكان، ولما طال النقاش بينهم تبرع أخوهم يعقوب أنه يطلب من سعد الخروج بطريقة مناسبة. بالفعل حصل ذلك فتقبل سعد الأمر بسعة صدر فخرج من المكان، وحين خروجه صادفه أحد الأخوة اسمه عبدالله الذي جاء الدعوة متأخرا وهو الذي أصر على سعد من قبل بالحضور فسأله عن سبب خروجه فلم يعط سعد الحقيقة إنما قال له سوف اصل إلى السيارة لأحضر شيئا ومن ثم اعود. قال هكذا لكي لا تزداد المشكلة تعقيدا. لم يعلم سعد بأن عبدالله كان يرتقب عودة سعد، فأحس عبدالله بأن سعد قد كذب عليه فانتابه شعور بالكراهية لسعد كذلك، فسجلت قصة جديدة بين سعد وعبدالله حيث أن عبدالله عندما يمر لا يسلم على سعد فسأله عن نفوره فلم يخبره ولم يخبر اخوته عن المشكلة، فقد اسلفت بأن طبيعتهم بأنهم لا يفصحون عما بداخلهم.

في يوم تجمع الاخوة في مجلسهم وكان أحد أصدقاء صالح اسمه تيسير جالسا معهم وفي أثناء الحديث ذكر قصة لصالح قديمة التي سمعها من سعد الصايغ، لكن صالحا كان قد فهم بأن هذه القصة من سعد النجار والتي بنى عليها كرهه طوال السبع سنوات السابقة، والتي جرى ما جرى عليها.

هكذا تبدا الكراهية ومن ثم تتحول إلى عداوة لمجرد وهم لا حقيقة له. البعض يكره عند النظرة الأولى للشخص المقابل وما أن يتعامل معه تتغير تلك النظرة والبعض الأخر يكره لأن الاخر يعتنق رأيا مخالفا له، وغيرها من العوامل النفسية.

الكراهية شعور نفسي ينبع حالة من الاشمئزاز الشديد الذي يؤثر على صاحبه ويبرز ذلك على تصرفاته تجاه المكروه عنده، وهو حالة من عدم الرضا والمحبة وتأتي قبل البغض والعداوة بعد الاستجابة والاستلام لذلك الشعور النفسي.

كل العداوات التي تحصل بين الطوائف المختلفة سببها الاستجابة للكراهية الأولى التي تتحول لاحقا إلى عداوات وحروب، ولو رجعنا لأصل تلك العداوة فإن النتيجة كلها وهم ولا حقيقة لها. لكن هناك من يغذي تلك الكراهية وخصوصا الجماعات المتطرفة التي شغلها بث هذه الروح بين الناس، وتدمير الالفة بين الناس خصوصا إذا كانت باسم الدين، مع أن جميع الأديان تدعو إلى الحب وتنبذ حالة الكراهية ليعم السلام بين الناس جميعا.