تلك الرموز ليست معادلة رياضية، بل هي معادلة العملية السياسية في (العراق الجديد) بعد الاحتلال.. لا تحتاج الى عبقرية علمية وقدرة خارقة لفك رموزها، فهي معروفة لدى العراقيين، وتلخص توزيع الحقائب الوزارية في كل حكومة، على وفق مبدأ المحاصصة والتوافق بين الكتل السياسية.

عشية منح الثقة لحكومة الكاظمي فك أحد أقطاب العملية السياسية تلك الرموز وأقيامها في المعادلة: وهي 12 وزارة للقوى السياسية الشيعية، و6 للقوى السياسية السنية، و3 للقوى السياسية الكردية، وواحدة لقوى الاقليات.

اذاً.. ليس هناك جديد يذكر في هذه الوزارة، فهذه الاوزان ثابتة ومتوارثة في الحكومات المتعاقبة..

فكيف يمكن للكاظمي أن يخرج عنها ليكون رقما مختلفا من بين كل الوزارات التي تعاقبت على حكم العراق بعد الاحتلال ، وهو جزء من هذا النظام ، ومنصبه من حصة مكون معين، والاحزاب هي التي تتحكم بالاختيار، وان صدرت الموافقة بمرسوم جمهوري، ولذلك تبدو المقارنة بينه وبين فلاديمير بوتين – التي ذهب اليها البعض - صعبة وتصل الى حد الاستحالة، وفي غير محلها بما فيها الخلفية المهنية التي يُستند عليها في المقارنة - إذ ان هناك إختلافا بينهما في التدرج بالمناصب والتأهيل المهني والخبرة ومدة العمل في تلك المؤسسة التي عملا فيها (المخابرات).. وهذا ما تناولته في مقال سابق..

فماذا حصلت المكونات من هذا التقسيم الجديد الغريب للمناصب على مدى الحكومات المتعاقبة.. هل كان لصالحها أم لصالح القوى السياسية؟

- واقع العراق يجيب بوضوح

لقد اسست المحاصصة لدكتاتورية الاحزاب.. ولافرق بين دكتاتورية الفرد ، ودكتاتورية المجموع ، ودكتاتورية المحاصصة، أو أي مسمى أخر، اذا أفضت الى النتائج نفسها ، حتى وان تعكز ألاثنان ( الفرد والمجموع ) على الديمقراطية، وعلى نتائج الانتخابات في الصندوق، في الانفراد، وتقاسم السلطة.

أن هذه الوزارة ستأتي وهي محملة بشروط، ودم الشباب ينتظر القصاص ممن انتهك حرمته، وعهود ومواثيق كبيرة ملتزمة، يجب أن تصل بالبلد الى بر الانتخابات المبكرة عسى أن تسفر عن حكومة بمواصفات الشعب وتعيد هيبة الدولة وتضمن الاستقلالية وتحقق النزاهة بعد أن أصبحت مهددة بالانقراض بسبب الفساد المستشري وتعيد العمل بالمواطنة بعد ان سادت المحاصصة، وتضمن مغادرة جميع المفاهيم الغريبة التي جاءت بها ، وكانت عنوانا للمرحلة السابقة.

هل بامكان الكاظمي ان يمضي في تنفيذ وعده ويتقاطع مع الاحزاب اذا ما عرقلت اجراء انتخابات مبكرة اعطاها الاولوية في برنامجه أم ستقف حائلا دونها، لانها تريد استمرار الدورة الحالية الى نهايتها - على حد ما صرح به أحد السياسيين..

وتلك نقطة مفصلية ، بحاجة الى وزارة مختلفة عما سبقها.. وهو أمر ليس بالسهل اليسير.